النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[لن]

صفحة 928 - الجزء 2

[لن]

[معناها]

  قوله: (و (لن) ومعناها نفي المستقبل) قال الجمهور: هي بسيطة، جيء بها لنفي المستقبل، وقال الفرّاء أصلها (لا) أبدلت ألفا ونونا⁣(⁣١)، وضعف بأنه عكس الإبدال، وقال الخليل: أصلها (لا أن) حذفت الهمزة تخفيفا لأنها في معنى (لا) لنفي المستقبل.

  قوله: (ومعناها نفي المستقبل) قال المصنف: هي مثل (لا) في المعنى إلا (لن) آكد منها تقول: (لا أبرح) فإذا أكدت قلت (لن أبرح) وهو قول الزمخشري⁣(⁣٢)، وروي عنه في الأنموذج أنها للتأبيد⁣(⁣٣)، ورده المصنف⁣(⁣٤) بوقوع الغاية بعدها نحو: لن {أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي}⁣(⁣٥) وأجيب بأنها خرجت في الآية عن معنى (لا) وأنها باقية للتأبيد والمراد به التأكيد، قال تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً}⁣(⁣٦) وقد أخبر بأنهم يتمنونه في الآخرة⁣(⁣٧).

  وهي ناصبة بنفسها وقد روي الجزم بها قال:


(١) ينظر رأي الفراء في الجنى الداني ٢٧٢، ومغني اللبيب ٣٧٣، وشرح الرضي ٢/ ٢٣٥، والهمع ٤/ ٩٤.

(٢) قال الزمخشري في المفصل ٣٠٧: و (لن) لتأكيد ما تعطيه (لا) من نفي المستقبل تقول: (لا أبرح مكاني) قال تعالى: (فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي) و (لا) أبرح حتى أبلغ.

(٣) إن دعوى التأبيد عند الزمخشري ثبتت بإحدى نسخ متن الأنموذج وهذه النسخة هي التي اعتمد عليها ابن هشام في رد دعوى الزمخشري بأن لن تفيد التأبيد كما فعل في المغني ٢٧٤، وتبعه على ذلك من ذهب في تخطئة الزمخشري منهم شارح الكافية هذا. قال الشيخ الأردبيلي: ١٧٤ ولكن في بعض نسخ متن الأنموذج: (التأبيد) بدل (التأكيد) ثم قال الشيخ الأردبيلي في حاشية الأنموذج ١٧٤:

معناها نفي المستقبل نفيا مؤكدا لا مؤبدا كما قال الزمخشري مثل (لن أبرح) ولا مؤبدا في الدين كما قيل وهو الحق، وإلا يلزم أن يكون في قوله تعالى: فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي) تناقض لأن لن تقتضي التأبيد) ينظر للتفصيل في الهمع ٤/ ٩٣ وما بعدها.

(٤) ينظر شرح المصنف ١٠٣.

(٥) يوسف ١٢/ ٨٠.

(٦) البقرة ٢/ ٩٥ وتمامها: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

(٧) وقد أخبر اللّه عن أهل النار من الكفار والمشركين أنه يطلبونه كما في قوله تعالى: {وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ}