النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

التحذير

صفحة 389 - الجزء 1

  و (الأسد الأسد)⁣(⁣١)، وأما إذا لم يكرره فالأجود ظهور فعله نحو قوله:

  [٢٠٧] خل الطريق لمن يبنى المنار به ... وأبرز ببرزة حيث اضطرت القدر⁣(⁣٢)

  وإنما وجب حذف عامل التحذير لوجود القرينة وعدم الفرصة لخشية الوقوع في المهلة قبل تمام الكلام، وقد اختلفت في كيفية الحذف، فذهب الأكثرون: أن أصله (اتقك والأسد) بفعل متعد إلى واحد فكرهوا الجمع بين ضميري الفاعل والمفعول لشيء واحد فأتوا بالنفس ليتصل بها المفعول، فصار (اتق نفسك والأسد) فحذفوا الفعل، ولحقه الفاعل لما كان متصلا به، ثم حذفوا النفس⁣(⁣٣) لزوال الموجب للإتيان بها، وبقي الضمير اسما على حرف واحد فلم يمكن النطق به، فأتوا بصيغة الانفصال، فقالوا (إياك والأسد) ومعناه: اتق نفسك أن تتعرض للأسد والأسد أن يتعرض لنفسك والواو يحتمل أن تكون للمعية وأن تكون عاطفة⁣(⁣٤) قال نجم الدين:⁣(⁣٥) الأولى أن يقدر العامل متأخرا وأصله (إياك


(١) قال السيوطي في الهمع ٣/ ٢٤: (وإنما يلزم إضماره في إيا مطلقا نحو (إياك والشر) فالناصب ل (إيا) فعل مضمر لا يجوز إظهاره، ومع المكرر نحو: (الأسد الأسد) لأن أحد الاسمين قام مقام الفاعل، ومع العاطف نحو (ناقة اللّه وسقياها) استغناء بذكر المحذر منه عن ذكر المحذر.

(٢) البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ١/ ٢١١، ينظر الكتاب ١/ ٢٥٤، وشرح المفصل ٢/ ٣٠، وأوضح المسالك ٤/ ٧٨، واللسان مادة (برز ١/ ٢٥٥.

والشاهد فيه قوله: (خل الطريق) حيث أظهر العامل وهو (خل) في التحذير لأن المحذر منه غير مكرر ولا معطوف عليه، ولو أضمره أي الطريق لكان صحيحا ...

(٣) أي بقي الفعل وقى في الأمر على حرف واحد وهو (ق).

(٤) ينظر: شرح المصنف ٣٧، والعبارة من قوله: (وذهب الأكثرون إلى ... وأن تكون عاطفة) منقولة بتصرف عن المصنف.

(٥) ينظر شرح الرضي ١/ ١٨٢، ولم تنقل العبارة كما هي وإنما بتصرف.