شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[شبهة للأشعرية ومن وافقهم وجوابها]

صفحة 50 - الجزء 2

  والطاعة للعبد بما جعل الله له من القدرة والتمكين من ذلك فما اختاره العبد من فعل الطاعة أو المعصية علمه الله سبحانه منه قبل حصوله بل قبل حصول العبد وحدوثه؛ لأن علم الله سبحانه بما سيكون كعلمه بما قد كان ولا تأثير لعلمه تعالى في حدوث الفعل البتة، (فلم يناف) علم الله سبحانه بما سيفعله العبد (تمكن العاصي من الفعل والترك)، فإن فعل العبد الطاعة علمها الله سبحانه منه قبل أن يفعلها وإن عمل المعصية علمها منه جل وعلا قبل أن يفعلها؛ لأن علمه تعالى بذلك سابق غير سائق، وذلك واضح لمن لم ينكر الضرورة.

  (وإن سلم ما ادعته المجبرة) من أن علم الله تعالى سابق على استحالته عليه جل وعلا فإنا نعارضكم في ذلك بمثله فنقول: إذا كان كذلك (فعلم الله تعالى) بأن العبد متمكن من فعل الطاعة وتركها على وفق اختياره (ساقه إلى التمكن إذ هو جل وعلا عالم أن العاصي متمكن) من فعل الطاعة وتركها فما قولكم إنه ساقه إلى فعل المعصية بأولى من قولنا إنه ساقه إلى التمكن، (وذلك) أي ما ذكرناه (إبطال للجبر) أي لقول أهل الجبر إن العبد مجبور على فعله أي مكره عليه.

  (قالوا) أي من تقدم ذكره من المجبرة: (لو كان يقدر الكافر على الإيمان) كما ذكرتم أنه متمكن من الكفر والإيمان (لكشف) ذلك (عن الجهل في حقه تعالى لو فعل) الكافر الإيمان؛ لأنه لم يكن معلوماً لله تعالى (والله يتعالى عن ذلك) أي عن الجهل.

  (قلنا) رداً عليهم: إن (الله سبحانه عالم بالكفر) من الكافر (وبشرطه) أي وعالم بشرط الكفر (وهو اختياره) أي اختيار العبد للكفر وتأثيره على الإيمان (مع التمكن من فعله) وتركه (و) الله سبحانه عالم أيضاً (بالإيمان وبشرطه وهو اختياره) أي اختيار العبد للإيمان (كذلك) أي مع التمكن من فعله وتركه فالله سبحانه وتعالى عالم بالأمرين معاً وبشرطهما وهو اختيار العبد وتمكنه من فعل ما