(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
[أسباب الكفر والفسق وأقسامهما]
  واعلم أن الأسباب الموجبة للكفر أربعة:
  الأول منها: أفعال القلوب وهي تشمل الاعتقاد والعزم كأن يعتقد نفي الصانع أو أن معه ثانياً أو أنه غير قادر أو غير عالم أو محدث أو نحو ذلك أو يعتقد كذب الرسل فيما جاءوا به عن الله أو يعتقد أن لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار أو نحو ذلك، أو يعزم على ذلك.
  الثاني: أفعال الجوارح، كعبادة الأصنام وقتل الأنبياء والاستخفاف بهم ونحو ذلك.
  الثالث: الأقوال، كإظهار كلمة الكفر بأن ينطق بأن الله ثالث ثلاثة أو يسب الله أو يسب الأنبياء أو نحو ذلك.
  الرابع: ما هو من قبيل الترك كأن لا يعرف الله أو لا يقر بلسانه أو لا يهاجر من دار الكفر حيث لا عذر أو نحو ذلك، فهذه أسباب الكفر.
  قال الإمام المهدي #: وقالت الكرامية: لا كفر بفعل القلب حتى ينضم إليه غيره من قول كتكذيب النبيء أو فعل كالسجود لغير الله.
  وحجتهم: أن النبي ÷ إنما اعتبر في الإيمان والإكفار بما ظهر دون ما لم يظهر بدليل قوله لأسامة: «هلا شققت على قلبه»، وقوله ÷: «نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر»، وأفعال القلوب لا تظهر فلم يجز الاعتبار بها في الكفر والإيمان.
  لنا قوله تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات: ١٤]، وإذا ثبت الإيمان بفعل القلب ثبت الكفر به إذ هما نقيضان.
  ثم إنه قد ثبت الإجماع على أن الجهل بالله كفر والجهل من أفعال القلوب.
  قال: وقالت الأشعرية: إنما يقع الكفر بفعل القلب لا بأفعال الجوارح،