(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)
  صدر العرب شائعاً، وأول من غيره واتخذ عبادة الأصنام عمرو بن لحي وقال غيره: كانت العرب على دين إبراهيم إلى أن ولي عمرو بن عامر الخزاعي مكة وانتزع ولاية البيت من أجداد النبي ÷ فأحدث عمرو المذكور عبادة الأصنام وشرع للعرب الضلالات وزاد في التلبية بعد قوله: لبيك لا شريك لك قوله: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، فهو أول من قال ذلك وتبعه العرب على الشرك.
  وأما الكتابية فهم يهود ونصارى وكل منهم فرق.
(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)
  اعلم أن مسألة التحسين والتقبيح أصل مسائل العدل، وذلك لأنها قاعدة الخلاف بيننا وبين المجبرة؛ فإذا وافقوا فيها لزمهم الوفاق في جميع مسائل العدل ولهذا تراهم ينكرون الضرورة فيها ويكابرون عقولهم حسبما يبين في أثناء أقوالهم خوفاً من انهدام قاعدتهم المنهارة، وحينئذ حسن بسط الكلام فيها بذكر أقوالهم في العدل وإيراد حججهم عليها فنقول: المقصود بهذا الفصل بيان أن العقل يقضي بأحكام عقلية هي القبح والحسن(١) وأنواعهما من الوجوب والندب والكراهة والإباحة والحظر ويعترف بها ويقطع بصحتها من غير حاجة إلى ورود شرع في تقريرها.
  وقبل الخوض في ذكر ماهياتها نذكر معنى الحكم وبيان حقيقته وجهته لأن إسناده إلى العقل كما يقوله أئمتنا $ أو إلى الشرع كما يزعمه مخالفوهم فرع على تصور حقيقته ومعرفة جهته.
(١) أي: هي متعلقة للذم والعقاب والمدح والثواب فهذا هو الذي يدركه العقل بفطرته، وأما تسميته حسناً وقبيحاً فموكول إلى لغة العرب فالنزاع بيننا وبين الأشعرية في هذا التعلق هل يدركه العقل أو لا؟ فأهل العدل يحكمون أن العقول تدركه، وأهل الجبر ينكرون ذلك. تمت (من هامش الأصل).