تنبيه: [يتعلق بالكلام على الجن]
  أما أولاً: فإنا نقول: إن في خلق إبليس مصالح عظيمة ونفعاً كبيراً، أما بالإضافة إليه فلأن الإحسان عليه بالتكليف ونفعه به كالإحسان إلى سائر المكلفين غيره.
  وأما بالإضافة إلى غيره من الخلق فلكون خلقه أدخل في المحنة والبلوى حتى يعظم الثواب ويكثر الأجر لأجل مخالفته في كل ما وسوس به وأدلى بحبل غروره كما قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}[المائدة: ٤٨]، وقوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}[آل عمران: ١٤١]، وغير ذلك.
  قلت: وكذا قال الديلمي | في خلق إبليس أنه خلقه الله تعالى لعرضه على الخير كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، وإبليس من الجن لقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[الكهف: ٥٠]، فالحكمة في خلقه هو التفضل عليه والإنعام إذ خلقه حياً ينتفع كالإنسان. انتهى.
  وأما ثانياً: فلأن الحال في خلق إبليس كالحال في خلق الشهوة فإذا كان خلقها لا إشكال في حسنه مع ما فيها من الإغراء بالقبيح وتشهيه فكذا الحال في خلق إبليس.
  وأما ثالثاً: فإنه إنما كان يقبح خلق إبليس كما زعموا لو كان خلقه من أجل الاستفساد كما ظنوه، وأما إذا كان الغرض به ما ذكرناه من الإحسان إليه بتكليفه وزيادة البلوى في خلقه لسائر المكلفين فالفساد إنما حصل بدعائه فأما خلقه فهو حسن لما حققناه لأن المعصية ممكنة من الخلق بخلقه وغير خلقه.
تنبيه: [يتعلق بالكلام على الجن]
  قال المرتضى محمد بن يحيى # في الإيضاح: الجن ليس لها الأرض بمسكن ولا بموضع وإنما مساكنها ومواضعها الهواء والذي في الأرض منها يدور في أقطارها ومواضعها ويُغوي أهلها فهم الشياطين المردة منهم المُمْلا لهم المؤجلون إلى حشرهم.