(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
  في عرف اللغة (فإذا جاز إطلاقه) أي الفسق مع كونه أعظم في الذم لبعض الكفار من بعض (على فعل الكبيرة) مع عدم كفر صاحبها وجحده (فبالحري) أي فبالأولى أن يجوز إطلاق (ما هو دونه) أي دون الفسق أي في جواز إطلاقه على فعل الكبيرة (وهو الكفر عرفاً) أي الكفر في عرف اللغة وهو الإخلال بالشكر إذ هو دون الفسق فجاز أن يطلق على فعل الكبيرة كما تقرر فثبت بما ذكرنا أن مرتكب الكبيرة يسمى فاسقاً وكافر نعمة وذلك واضح.
(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
  الإكفار مصدر أَكْفَره أي حكم بكفره والتفسيق مصدر فسّقه أي حكم بفسقه أيضاً.
  واعلم أن القول في الإكفار والتفسيق باب واسع عظيم، فيه نزاع شديد وجدال كبير واختلاف كثير، وقد صنف له كتب مستقلة.
  قال الإمام يحيى #: إن الإكفار والتفسيق ضيق المسالك دقيق المجاري ولغموضه ودقة رموزه استولى عليه الإبهام وغلب على تحصيله الأعجام.
  إلى قوله: فحق على من جاز في أودية الإكفار والتفسيق أن يتقي الله في خوضه ونظره وأن ينظر بعين البصيرة النافذة ويُعمل القريحة المتّقدة وليكن في نظره معولاً على الإنصاف وليعزل عن نفسه جانب التعصب والشغف لمحبة السلف.
  قال الإمام المهدي #: واعلم أن معرفة مسائل الإكفار والتفسيق واجبة على كل مسلم لأن الشرع ورد بأحكام تعبدنا بها في حق المؤمن والكافر والفاسق تتعلق بالموالاة والمعاداة والتناكح والكفاءة والتوارث ونحوها فيجب على كل مكلف ملتزم بالشريعة معرفة تلك الأمور ليمكنه تأدية ما كلف من الأحكام المتفرعة عليها وأداء ما كلف فيها.
  قال: لا يقال: إنما لزم المكلف إجراء أحكامهم عليهم بشرط معرفتهم ومهما