(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
  اعلم أنه قد سبق معنى وصفنا لله تعالى بأنه عدل حكيم في أول كتاب العدل، والمراد هنا تقرير الدلالة على ذلك وإفساد مذهب المخالف، قال #:
  قالت (العدلية: والله تعالى عدل حكيم)، لفظاً ومعنى، (لا يثيب أحداً إلا بعمله، ولا يعاقبه إلا بذنبه).
  وحقيقة الثواب: هو المنافع المستحقة على وجه الإجلال والتعظيم.
  وحقيقة العقاب: هو المضار المستحقة على وجه الإهانة.
  وقالت (المجبرة) كافة: (بل) الله عدل حكيم لفظاً لا معنى؛ لأنه (يجوز أن يعذب الأنبياء ويثيب الأشقياء)، ويجوز أن يخلق حيواناً في نار جهنم يعذبه ابتداء من غير استحقاق.
  قالوا: وهذا عدل منه تعالى لأنه مالك يفعل في ملكه ما شاء، أو لأنه لا يأمره ولا ينهاه أحد فلا يقبح منه شيء، وقد تقدم أساس مذهبهم في مسألة التحسين والتقبيح في أول الكتاب.
  قال الإمام يحيى # في الشامل: لا خلاف بين المسلمين في كون الله تعالى موصوفاً بالعدل والحكمة، ولا قائل بخلاف هذا القول من أهل القبلة لكن المجبرة على طبقاتهم يوافقوننا من جهة اللفظ ويخالفوننا من جهة المعنى فإنهم يصفون الله تعالى بأنه عدل حكيم خلا أنهم يقولون: إنه تعالى هو المُحدِث لجميع الفواحش والمعاصي، وإنه خالق لها، وإنه لا ضلالة في العالم ولا قبيح إلا وهو صادر من جهته وحاصل بقدرته، حتى لقد قال بعضهم في عُرْضِ الحِجَاجِ والمناظرة تَسَلُّطاً ووقاحة: هو إبليسُ إبليسٍ، وهو تعالى مصدر لكل ضلالة وتلبيس. فتعالى الله عن مقالة أهل الزيغ والضلال علواً كبيراً.
  قال الإمام المنصور بالله #: ومثل مقالة أهل الجبر في الإلحاد وإن كانت عكسها في الإضافة قالت الطبعية المطرفية في بعض أفعال الله سبحانه وتعالى