شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[النبي ÷ أتى بشريعة مبتدأة وقرر بعض الشرائع]

صفحة 412 - الجزء 2

  الذي أنزل على محمد ÷ واختلاف القراءات فيه في الشيء اليسير لا يقدح في ذلك سواء قلنا إن السبع كلها متواترة أو بعضها أو ما اتفقوا عليه منها لأنه يعلم مع ذلك أن القرآن محفوظ وأنه هو الذي بين أيدينا الآن.

[النبي ÷ أتى بشريعة مبتدأة وقرر بعض الشرائع]

  (و) إذا تقرر ما ذكرنا فاعلم أن نبيئنا ÷ (أتى بشريعة مبتدأة) لم يُبَلِّغها غيره (وتقرير بعض الشرائع السالفة) أي وأتى بتقرير بعض الشرائع الماضية وهي (التي نص) النبي ÷ (عليها وعمل بها) وأمر بها نحو الحج إلى بيت الله الحرام وآية القصاص وهي قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...} الآية [المائدة: ٤٥]، وغير ذلك مما علم أنه كان في شريعة من مضى من النبيين $ وعمل به نبينا ÷ وأمر به كالختان وقص الشارب والسواك والمضمضة والاستنشاق.

  (وقيل): بل (أتى) ÷ (بشريعة إبراهيم الخليل ~) لقوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}⁣[البقرة: ١٣٥]، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}⁣[الحج: ٧٨]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}⁣[البقرة: ١٣٠].

  وقال الإمام زيد بن علي # في كتاب الصفوة ما لفظه: فأما بنو إسماعيل فهم أميون لم يكن لهم كتاب ولم يبعث فيهم غير محمد ÷ فبعثه الله على ملة إبراهيم ÷ ونسبه إلى إبراهيم وجعله أولى الناس به حين بعثه وبينه وبين إبراهيم ما شاء الله من القرون فقال: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ}⁣[آل عمران: ٦٨].

  وقيل: (بل) أتى ÷ (بكل شرع) شرعه الله سبحانه للأنبياء $ (لم ينسخ) لقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}⁣[الأنعام: ٩٠]،