شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات إرادة العباد وحدوثها]

صفحة 76 - الجزء 2

  الخبر خبراً صفة زائدة عليه ولا لكونه عالماً إذ لا تأثير لها إلا في الإحكام وهذه غير الإحكام، وإذا بطل تأثير هاتين الصفتين فتأثير غيرهما أبعد فلم يبق إلا أن يكون لكونه مريداً وهو المطلوب.

  قالوا: وأيضاً قد أمر وأباح وتهدد بصيغة واحدة نحو: أقيموا الصلاة، فالآن باشروهن، اعملوا ما شئتم، فلولا أنه مريد لما تناوله الأمر وكاره لما تناوله التهديد وغير مريد ولا كاره لما تناولته الإباحة للزم أن لا يتميز بعض هذه من بعض.

  (قلنا) رداً عليهم (لم ننفها) أي الإرادة (إذ هي) في حق الله تعالى (ما ذكرناه) في صدر المسألة للأدلة المذكورة هناك وقياسكم للغائب على الشاهد باطل إذ لا يقاس جل وعلا بالناس ولا يدرك بالحواس، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

  وأيضاً فإنه لا صفة للخبر ولا للأمر زائدة على مجرد الصيغة كما سبق ذكره في أول الكتاب في إبطال الكاتبية بالمعنى وإن سلم أن له صفة زائدة فهي راجعة إلى الفاعل وهي علمه تعالى بأن هذا اللفظ مشتمل على مصلحة وهي فهم المقصود منه والعمل به والله أعلم.

[إثبات إرادة العباد وحدوثها]

  قالت (العدلية) جميعاً: (وللعباد إرادة يحدثونها)، والدليل على ذلك وقوع أفعالهم بحسب قصدهم ودواعيهم وانتفاؤها بحسب كراهتهم وصوارفهم على طريقة واحدة؛ لأن ما دعا إلى الفعل المراد دعا إلى إرادته وما صرف عنه صرف عنها، ولأنا نستحق المدح والذم عليها فنمدح على إرادة الواجب ونذم على إرادة القبيح ويجب تقدمها على المراد ولا يجوز مقارنتها كالقدرة وهي لا توجب المراد ولا تولده.