[معنى الاختبار والابتلاء]
[معنى الاختبار والابتلاء]
  وهذا تنبيه لماَّ سبق ذكر الاختبار والابتلاء في اثناء ما تقدم وكان معناهما أن يتصفح الجاهل أحوال المختبَر والمبتَلى ويعرف ما يؤول إليه الأمر في ذلك، وكان هذا المعنى لا يجوز على الله سبحانه لأنه عالم الغيب والشهادة أراد # أن يبين معنى الاختبار والابتلاء في حق الله سبحانه، فقال:
  (تنبيه: اعلم أن من الناس من يعبد الله على حرف) أي على طرف من الدين غير متمكن فيه وهذا تمثيل بمن قعد في طرف جبل أو هوة غير متمكن في قعوده بحيث إن أقل محرك له يزعجه فيوقعه في الهلاك والمعنى أنه من دينه على اضطراب وقلق لا على سكون وطمأنينة (فإن أصابه خير) على دينه وعبادته أي رزق وصحة ونحو ذلك (اطمأن به) أي قر قلبه وقال: ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيراً، (وإن أصابته فتنة) أي فقر أو سقم أو مصيبة في أهل أو ولد أو نحو ذلك (انقلب على وجهه) أي ارتد عن الإسلام وتشاءم به وقال: ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا شراً فذلك هو الذي (خسر الدنيا والآخرة) كما ذكره الله ø.
  (ومن الناس) من هو (مثل ما قال الله سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ}) أي كثير من الأنبياء ({قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}) والربيون والربانيون معناهما واحد وهم العلماء؛ لأنهم يقضون بعلم الرب ({فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} (الآية)، أي: {وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ١٤٦}[آل عمران]، أي ما ضعفوا عن الصبر على الاستمساك بدينهم مع ما حصل في أصحابهم من القتل والاستضعاف بل قاموا في الجهاد والقتال مع أنبيائهم أبلغ قيام بعزيمة صادقة ونية صحيحة.
  ولم يضعفوا أي: لم يذلوا ولم يستكينوا أي لم يسكنوا سكون الذليل الخاضع لأنهم على بصيرة من دينهم وطمأنينة في أمرهم فهم بحبل الله مستمسكون