شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[بعض الأدلة على استحقاق العقاب ودوامه والجواب على المخالف من المرجئة وغيرهم]

صفحة 216 - الجزء 4

  الفرقة الأولى: حملت عموم الوعيد على ظاهره وتأولت عموم الوعد على ما يوافقه وهؤلاء هم الزيدية وجمهور المعتزلة فقطعوا بدخول الفاسق النار وتخليده فيها.

  وفرقة عكست ذلك وحملت الوعيد على الوعد فقطعت بدخول الفاسق الجنة وهو مقاتل بن سليمان ومن تبعه من أهل الأهواء.

  وفرقة حملت عموم الوعيد على عموم الوعد لكن قالوا: دلالة العام ظنية فرجحوا دخول الفاسق الجنة من غير قطع بل يجوز أن يدخل النار وأن لا يدخلها وإذا دخلها يجوز أن يخرج منها وأن لا يخرج وهذا قول الرازي وأكثر المرجئة، ونسبه الرازي إلى أكثر الأمة.

  وفرقة توقفت ولم يروا ترجيحاً عند التعارض وهو قول أبي حنيفة ومن تبعه.

[بعض الأدلة على استحقاق العقاب ودوامه والجواب على المخالف من المرجئة وغيرهم]

  (لنا) في الاحتجاج على من خالفنا من المرجئة وغيرهم: حجة العقل والسمع ولنذكر الكلام في ذلك في فصلين: الأول في استحقاق الفاسق العقاب. الثاني في أنه يستحقه دائماً على الحد الذي يستحقه المشرك.

  أما الفصل الأول: فدلالة العقل أنا نعلم قطعاً أن الفاسق لو لم يستحق عقاباً لكان خلق شهوته للقبيح إغراء له كما قدمنا، ويتنزل خلقها منزلة قول القائل: افعل ولا بأس عليك.

  وأما دلالة الشرع: فالوعيد له في القرآن أكثر من أن يحصى: منها: قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}⁣[النساء]، ونحوها كثير.

  ومنها: (قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ