(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]
  بنفسه ولا يدخل في أذن السامع ولا ينتقل إليه فلما لم يمكن ملاصقة المصوِّت لأذن السامع ولا انتقاله إليه ولم يمكن قيام العرض بنفسه من غير شبح ولا قطع المسافة لم يبق إلا أن الهواء هو الذي حمله وهو شبحه.
[إثبات أن القرآن هو هذا المسموع وأنه محدث مخلوق والجواب على المخالفين]
  قال #: قال (أئمتنا $ والجمهور: وهو) أي كلام الله تعالى الذي هو القرآن هو (هذا المسموع) المتلو في المحاريب الذي يحرم على الجنب لمسه ولا تصح الصلاة إلا به.
  وقالت (الأشعرية: بل) كلام الله (معنى) ثابت (في نفس المتكلم) الذي هو الله تعالى عن ذلك وليس من قبيل الحروف ولا الأصوات كما سبق ذكره عنهم، وسواء في ذلك الشاهد والغائب عندهم.
  وقالت (المطرفية: بل) كلام الله معنى (في نفس الملك) الأعلى المسمى ميخائيل وليس بحرف ولا صوت كما سبق ذكره عنهم، (قالوا: وهذا عبارة عنه) أي عن الذي في نفس المتكلم أو الملك.
  (لنا) على ما ذهبنا إليه: (قوله تعالى): {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦])، ومعلوم أن المراد به هذا المتلو؛ لأنه الذي يتهيأ سماع المشركين له.
  وقال الله تعالى في التوراة: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ}[البقرة: ٧٥]، ومعلوم أن الذي سمعوه ليس هو المعنى القائم بالنفس.
  (و) أيضاً فإن (المعنى) الذي زعمته الأشعرية والمطرفية (ليس بمسموع) أي ليس مما يسمع أصلاً.
  وأيضاً فإن المعلوم من دين النبي ÷ ضرورة أنه كان يدين بذلك ويقول إن هذا المتلو كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله ويخبر بذلك وينشره ولا يجحد ذلك إلا معاند.