شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

تنبيه آخر:

صفحة 58 - الجزء 2

  ومن هنا يعلم غلط من يزعم أن التارك للفعل لم يفعل شيئاً، وسواء كان المتحرك مختاراً لفعله أو ملهماً له أو ملجأً إليه وإن اختلفت الأحكام.

تنبيه آخر:

  قالوا: من أصر على ترك واجب لم يتجدد استحقاق العقاب عليه في كل وقت حتى كأنه فعل كل وقت قبيحاً لأن جهة الاستحقاق واحدة وهو إخلاله بذلك الواجب، ومن فعل فعلاً منع الواجب من وقوعه فهو مخل بواجب وفاعل قبيح.

  وهل يستحق على كل منهما عقاباً أو على أحدهما؟

  ذكر أبو هاشم في بعض كتبه أنه يستحق عقاباً واحداً عليهما لأنهما كالشيء الواحد لاتحاد أصلهما وهو الإخلال بالواجب.

  قال الحاكم: وهذا الذي يختاره الشيوخ ولا قائل بأنه يستحق عقابين معاً أما من فعل فعلاً قبيحاً كأخذ مال الغير وترك به واجباً كالصلاة فلا شك أنه يستحق عقابين لتمايز المعصيتين، وعكس ذلك من فعل واجباً أو مندوباً وترك به قبيحاً فإنه يستحق ثوابين أيضاً، ويأتي على قول أبي علي وأبي القاسم أنه لا يستحق في الأولى إلا عقاباً وفي الأخرى إلا ثواباً وهو ظاهر لأنه لا استحقاق إلا على فعل ولم يفعل إلا فعلاً واحداً. انتهى.

  قلت: وقولهم: من فعل فعلاً منع الواجب من وقوعه فهو مخل بواجب وفاعل قبيح محل نظر لأن القبيح إنما هو الإخلال بالواجب لا الفعل الذي فعله ولهذا لا يستحق إلا عقاباً واحداً، وهو على إخلاله بالواجب لا على الفعل الذي فعله، والله أعلم.

(فصل): في الإرادة

  اعلم أنه لا خلاف بين أهل القبلة أن الله تعالى يوصف بأنه مريد وكاره وإن اختلفوا في حقيقة الإرادة والكراهة وهذه المسألة يذكرها كثير من أهل علم الكلام في كتاب التوحيد عند ذكر صفات الله تعالى الفعلية، وبعضهم يجعلها في كتاب العدل.