شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

القسم الرابع (كتاب الإمامة)

صفحة 5 - الجزء 3

القسم الرابع (كتاب الإمامة)

  اعلم أن مسألة الإمامة من أكبر مسائل أصول الدين التي يجب على كل مكلف معرفتها لما سنذكره بعد إن شاء الله تعالى.

  ولما كانت الإمامة تابعة للنبوءة في الوجه الذي وجبت له وذلك أن الأنبياء $ بعثوا لتعليم الشرائع التي أرادها الله تعالى من عباده شكراً له على نعمه وإحساناً منه وتفضلاً بتعريضهم بتلك الشرائع إلى منافع عظيمة وخيرات جسيمة لا تبلغ طاعاتهم له عز وعلا وإن بلغت في الكثرة والمشقة أيَّ مبلغ العشر من معشارها ولا دون ذلك ولا دونه كما أشار إلى ذلك من قال⁣(⁣١):

  سبحان من لو سجدنا بالجباه له ... على شبا الشوك والمُحمَى من الإبر

  لم نبلغ العشر من معشار نعمته ... ولا العشير ولا عشراً من العشر

  حَكَم العقل بوجوب قيام الإمام وكونه ممن يختاره الله ويصطفيه كالنبيء لأن الأئمة $ بعد الأنبياء À وبعد الأوصياء $ بهذه المنزلة وهي أنهم الحافظون لشريعة النبي ÷ القائمون بها الحاملون للمكلفين عليها المجاهدون من عَنَد عنها والمحتجون لها والمجددون ما درس منها لئلا تبطل حجج الله على عباده فلهذا حَسُن ذكرها بعد تمام ذكر النبوءة والشريعة.

  قال الإمام أحمد بن سليمان #: اعلم أنه لما كانت النبوة لا تحصل لأحد بعد رسول الله ÷ وأن الله قد ختم به الرسل كما قال تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}⁣[الأحزاب: ٤٠]، وقال رسول الله ÷: «لا نبي بعدي» وكان الناس محتاجين إلى من يقوم في مقام النبي ÷ ينفذ الأحكام ويحل


(١) ذكر البيتين في صفوة الصفوة باختلاف يسير لأبي عبيدة الخواص وقال عند ذكره له: أبو عبيدة الخواص واسمه: عباد بن عباد وقد اشتهر بأبي عبيدة كذلك ذكره البخاري وغيره.