[ذكر بعض قواعد المعتزلة والجواب عليها]
[ذكر بعض قواعد المعتزلة والجواب عليها]
  قلت: فقد عرف من ذلك أن هذه خمس قواعد أسستها المعتزلة على شفا جرف هار، وجعلوها أصولاً ينبني عليها كثير من مسائل التوحيد تعويلاً على الأوهام الكاذبة والظنون الفاسدة ورمياً بعقولهم إلى وراء حدها، وتكلفاً منهم لإدراك ما لم يدركه الأنبياء والمرسلون ولا الملائكة المقربون كما أشار إلى ذلك الإمام الناصر الحسن بن علي @ في كتاب الكفر والإيمان حيث قال: ثم انصدعت من هذه الملة طائفة تحلت باسم الاعتزال.
  إلى قوله بعد ذكره لكثير من تعمقهم: حتى خاضوا في صفات ذاته وضربوا له الأمثال وقد نهى الله عن ذلك بقوله تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}[النحل: ٧٤]، [وقوله تعالى]: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٣}[الأعراف]، وبالغوا في خلاف ذلك حتى تعدوا إلى الكلام في كل ما لا يعلمون ولا يدركون خلافاً لله تعالى ولرسوله وابتداعاً وتخرصاً وميناً ورمياً بعقولهم وحواسهم من وراء غاياتها.
  إلى قوله: وتكلفوا من دقيق الكلام بما لم يكلفوا ومما لعل حواسهم خلقت مقصرة عن إدراك حقيقتها وعاجزة عن قصد السبيل فيها. انتهى
  القاعدة الأولى: إثبات ذوات العالم في الأزل، قالوا: لتعلق علم الله سبحانه وقدرته بها، فلا بد أن يكون معلوم الله ومقدوره ثابتاً في الأزل ولهذا قالوا: إن مقدورات الله سبحانه لا تناهى لكونه تعالى قادراً لذاته.
  قالوا: وليس لله سبحانه وتعالى تأثير فيها إلا في إخراج ذوات العالم من حالة العدم إلى حالة الوجود وهي الصفة الوجودية الزائدة على الذات التي ليست بشيء ولا لا شيء.
  قالوا: واستمرار بقائها حاصل لأمر أوجبه وأثر فيه وهو داعي حكمة الباري سبحانه وتعالى. حكى ذلك عنهم السيد حميدان #.