(فصل): في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقائقها
[الفسق لغة وديناً]
  (و) أما (الفسق) فهو (لغة) أي في لغة العرب (الخروج) يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها وفسق عن أمر ربه أي خرج عن طاعته. ذكره في الصحاح.
  والفِسِّيق الدائم الفسق، والفويسقة الفأرة.
  (و) حقيقة الفسق (في عرفها) أي في عرف اللغة: (الخروج من الحد في عصيان أهل الشرك) أي عصيان خارج عن حد عصيان أهل الشرك أي زائد على معاصيهم في الفحش والاستهجان، ولهذا قال #: (وهو) أي ذلك العصيان الزائد في الفحش (الخيانة، ومنه قيل) للزاني فاسق لاستهجان الزنى عندهم، (وللخبيثة) من النساء المعتمدة على الفجور: (يا فساق) أي يا فاسقة، ومن ذلك تسميتهم للفارة فويسقة لأن ضررها زائد على الحد المعروف من سائر الضوار في الخباثة.
  (و) حقيقة الفسق (ديناً) أي في الشرع ودين الإسلام: (ارتكاب كبيرة) أي فعل معصية كبيرة (عمداً لم يرد دليل بخروج صاحبها) أي مرتكبها عمداً (من الملة) أي ملة الإسلام كالزنى والقتل والظلم من غير استحلال لذلك لقوله تعالى عقيب ذكر قذف المحصنة: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤}[النور]، ونحوها كثير ولا خلاف أن الكافر فاسق أيضاً لأن الفاسق خارج عن طاعة الله تعالى، ولا خلاف أن البر التقي لا يسمى فاسقاً ولا كافراً وتعين الخلاف في مرتكب الكبيرة هل يجوز أن يسمى كافراً، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
  وقوله: لم يرد دليل بخروج صاحبها يحترز مما ورد عليها دليل بخروج صاحبها من الإسلام كالجهل بالله أو سبه أو تشبيهه أو نحو ذلك.