(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
  بل شبهة وتظنن وتوهم ... وتحير في العَي والتعطيل
  فاحذر تحيد عن الصراط فإنه ... نهج الأئمة جاء في التأويل
  هم باب حطة للأنام وسفنها ... ونجاتها من مؤلم التنكيل
  وإذا أردت سلامة الأصل الذي ... هو دينهم فعليك بالتجميل
  فهو الذي كان النبي يدينه ... من دون بدعتهم وكل رسول
  صلى عليه ذو الجلال وآله ... ما غردت ورق(١) الحما بهديل
(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
  قال #: (والله سميع بصير) ولا خلاف في وصفه سبحانه بأنه سميع بصير وإنما وقع الخلاف في معنى ذلك:
  فقال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية) من المعتزلة: (وهما) أي: سميع بصير (بمعنى عالم) وكذلك سامع مبصر ومدرك فإنها أسماء مترادفة بمعنى عالم عبر الله سبحانه عن علمه ø بالأصوات وما شابهها مما يدركه المخلوق بحاسة السمع بكلمة سميع، وعن علمه بالأشخاص والهيئات وما شاكلها مما يدركه المخلوق بحاسة البصر التي تفضل الله بها عليه بكلمة بصير لما كان المخلوق لا يعقل إدراك الأصوات ونحوها إلا بحاسة السمع ولا يدرك الأشخاص ونحوها إلا بحاسة البصر فأجرى سبحانه كلمة سميع وبصير على إدراك المسموع والمبصر أي: علمه بهما على سبيل التوسع والمجاز تحقيقاً لما يعقله المخلوق لما ذكرنا.
  ويحتمل أن يكون بصير بمعنى عالم حقيقة لغوية كما أشار إليه الهادي # في كتاب المسترشد حيث قال: «من ذلك قول العرب: فلان بصير بالفقه والنحو
(١) الأورق: الذي لونه بين السواد والغبرة، ومنه قيل: للرماد أورق، وللحمامة ورقاء. تمت (لسان العرب).