(فصل): في ذكر حقيقة الإيمان لغة ودينا
  فقال بعض الرواة: إنه أخذ من هذا الذي يكون فيه التمر، فجمع منه مائة عصل فضربها ضربة. وقال بعضهم: إنه ضربها ضربتين، واختلف في ذلك، غير أن الصحيح أنه قد جمع ضغثاً فضربها به.
  قلت: فإبليس كيف كان إتيانه إلى أيوب صلى الله عليه؟
  قال: لم يره عياناً، وإنما سمع كلامه ولم ير شخصه. وقال بعض الجهلة إنه تصور له في صورة غير صورته، وليس ذلك كما قالوا، وكيف يقدر مخلوق أن يغير خلقته، أو يحول نفسه صوراً مختلفة، ليس يقدر على ذلك إلا الله رب العالمين. انتهى.
  ومثل كلام الهادي # في قصة أيوب ذكره ولده الناصر # والإمام أبو الفتح الديلمي في تفسيره وغيرهما.
(فصل): في ذكر حقيقة الإيمان لغة وديناً
  وقد اختلف أهل الزيغ فيه اختلافاً كثيراً وعليه تنبني مسألة الإرجاء ومسألة المنزلة بين المنزلتين وغير ذلك.
  أما حقيقته في اللغة: فقد أشار إليها الإمام # بقوله: (والإيمان لغة) أي في لغة العرب: (التصديق) كما قال الله تعالى حاكياً: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يوسف: ١٧]، أي بمصدق.
  وقال الناصر # في كتاب البساط: اختلف الناس في ماهية الإيمان ... إلى قوله: وأنا فمستغن عن وصف اختلافهم في ذلك بما أبينه من الحق المعروف في لغة العرب وفي القرآن:
  اعلم هداك الله أن أعظم الإيمان قدرا، ومنزلة عند الله وأجرا، هو أن يؤمن الإنسان نفسه من سخط الله ووعيده، ويوجب له رضوانه وما وعد من النعيم في الجنة وتخليده، باتباعه وفعل جميع ما فرض الله عليه، واجتنابه كل ما زجره ونهاه