[شبهة للأشعرية ومن وافقهم وجوابها]
  وإن قالوا الله قلنا لهم: إن الله سبحانه قد ذم المدسي فقال: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠} أفتقولون إنه ذم نفسه.
  والحجج على الجبرية أعظم من أن تحصى.
[شبهة للأشعرية ومن وافقهم وجوابها]
  (قالوا) أي الأشعرية والصوفية والجهمية ومن تبعهم: (لو فعل) الله تعالى لعباده قدرة يتصرفون بها (لكان فعل الفاعل) من العباد للمعصية والفساد (منازعة له) تعالى (في سلطانه) ومغالبة له حيث نهاهم عن فعل ذلك فعصوه ونازعوه وغالبوه بفعله ففعلوه.
  (قلنا) رداً عليهم: (ليس فعل العبد منازعة) لمولاه في سلطانه كما زعمتم (أما) في (فعل الطاعة والمباح فواضح) إذ ليس فعل ذلك مكروهاً لله تعالى بل الطاعة أرادها الله تعالى منه والمباح كذلك أيضاً فلا منازعة له تعالى فيهما.
  (وأما فعل المعصية فهو كفعل عبد قال له سيده: لا أرضاك تأكل البر) لمصلحة رأيتها في ذلك (ولا أحبسك عنه لكن إن فعلت) فأكلت البر مخالفة لأمري (عاقبتك) على ذلك لمخالفتي وعصياني، (ففعل العبد) أي أكل البر (ليس نزاعاً) لسيده في سلطانه (لأن النزاع) هو (المقاومة والمغالبة وهذا العبد لم يقاوم ولم يغالب) سيده فكذلك العبد العاصي ليس منازعاً لمولاه في سلطانه إذا فعل المعصية.
  (قالوا) أي المجبرة جميعاً: (سبق في علم الله أن العاصي يفعل المعصية) فكيف يتمكن من ترك المعصية مع ذلك.
  وقالوا: قد روي أنه يكتب في جبينه مؤمن وكافر وسعيد وشقي.
  (قلنا): لا شك أنه قد سبق في علم الله تعالى ذلك فما وجه التأثير لعلمه تعالى بذلك في فعل المعصية؛ لأن (علمه تعالى) بعصيان العبد وطاعته (سابق) لفعل المعصية والطاعة (غير سائق) للعبد إلى أيهما، والتأثير في فعل المعصية