شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الكلام في مسألة الألطاف والمصالح]

صفحة 285 - الجزء 2

  رَحِيمٌ ٥٤}⁣[الأنعام]، ومعنى كتب أوجب كقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، ونحوها أي أوجبنا عليهم ذلك في التوراة.

  (قلنا) في الجواب عليهم: قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ} وارد على طريق التشبيه (شبه تعالى فعله لرحمته) بعباده الواسعة لكل شيء (بفعل الواجب المكتوب) الذي يوجبه تعالى أو غيره على المكلف ويكتبه عليه (لما كان سبحانه لا يخلفه) أي لا يخلف فعله الذي وعد به أو توعده (البتة) أي لا يخلفه قطعاً، (فعبر عنه) أي عن كونه لا يخلفه قطعاً (بكلمة: {كَتَبَ} كقوله تعالى) في ذكر النار: ({وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}) أي جهنم وورودها هو النظر إليها من بعيد، ({كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}⁣[مريم: ٧١])، أي: كان ورودها على ربك حتماً مقضياً، والحتم والتحتم من صفة الواجب شبه ورودها بالواجب في كونه أمراً مقضياً لا محالة (وهو) أي ورود جهنم (غير واجب عليه تعالى اتفاقاً) بيننا وبين مخالفينا فكما جاز أن يشبهه بالواجب جاز أن يشبه ما كان مثله من تفضلاته تعالى على عباده التي أخبرنا أنه لا بد أن يفعلها لهم بالواجب وليس ذلك من الوجوب في شيء وذلك واضح.

[الكلام في مسألة الألطاف والمصالح]

  واعلم أن مسألة الألطاف والمصالح من المسائل الكبار التي كثر فيها الخلاف بين المعتزلة على أقوال فمنهم من فرق بين المصالح الدينية والدنياوية وهم البصرية، فقالوا: يجب على الله تعالى الدينية لا الدنياوية ومنهم من أوجب الدنياوية كالزيادة في الأموال وغير ذلك وهم البغدادية.

  ومنهم من لم يوجب شيئاً من ذلك، ومنهم من أوجب بعض الدينية.

  وقد أحببت أن أذكر زبدة ما ذكروه في ذلك ليتضح الحق للناظر فيه على ما حكاه القاضي عبدالله بن زيد العنسي في كتاب المحجة البيضاء.

  أما المصالح الدينية وهي الألطاف فقال: اعلم أن الألطاف على ضربين منها