شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[وجه الحكمة في إيلام المكلف المؤمن]

صفحة 187 - الجزء 2

  (لاعتبار الغير فقط) من دون مصلحة ولا عوض للمؤلم.

  (قلنا) رداً عليه: (ذلك ظلم) والظلم قبيح والله سبحانه يتعالى عن فعل القبيح، وقد قال تعالى: ({وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]).

[وجه الحكمة في إيلام المكلف المؤمن]

  (و) يحسن (إيلام المكلف المؤمن لاعتبار نفسه) أي لزيادة يقينه وخوفه من الله سبحانه بذلك الألم (فقط) أي من دون عوض له في ذلك ولا اعتبار لغيره (إذ هو نفع) له (كالتأديب) فإنه حسن لأن فيه نفعاً للمؤدَّب فخرج عن كونه ظلماً.

  (و) يحسن إيلام المكلف المؤمن أيضاً (لتحصيل سبب الثواب) وهو الصبر والرضا اللذان يستوجب بهما صاحبهما عظيم الأجر سواء حصلا أو لم يحصلا، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق: إن في التوراة: يا موسى إني لم أفقر الفقير لذنب قدّمه إليّ، ولم أغن الغني لصنيعة قدمها إليّ، وإنما أفقرت الفقير لأنظر صبره، وأغنيت الغني لأنظر شكره، يا موسى فلا الفقير صبر ولا الغني شكر.

  وكذلك قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ...} الآية [الحج: ١١]، والمعنى أنه يحسن الألم من الله سبحانه للاختبار والامتحان لما في ذلك من التعريض إلى الخير العظيم.

  وقوله #: (فقط) أي من دون اعتبار ولا عوض (كما يأتي إن شاء الله تعالى) عند قوله: وله على الصبر عليه والرضا به ثواب لا حصر له.

  (و) يحسن إيلام المكلف المؤمن (لحط الذنوب) التي اقترفها (فقط) أي من دون اعتبار ولا عوض والمراد بالذنوب بعض العمد لأن مراده # أن الألم سبب حامل على التوبة المسقطة للذنوب أو أن الله سبحانه يجعل عقاب بعض المعاصي المتعمدة في الدنيا كذا ذكره الإمام # كما سيأتي ذكره قريباً إن شاء الله