شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[تمهيد في ذكر الحقيقة والمجاز]

صفحة 542 - الجزء 1

[الكلام على أن رحمن ورحيم حقيقتان دينيتان]

  قال #: (و) أما (رحمن ورحيم) فإنهما (حقيقتان دينيتان) كالمؤمن والفاسق (لا) أنهما حقيقتان (لغويتان) في حقه تعالى أي: إنما أطلقتا عليه تعالى بتعليم الشارع وأمره ووضعه لا بحسب وضع اللغة لاستحالة معناهما في حقه تعالى حقيقة ومجازاً.

  أما الحقيقة فواضح لاستحالة الرقة والحنو عليه تعالى لكونهما عرضين من خواص الأجسام.

  وأما المجاز فـ (لأنهما لو كانا مجازاً) في حقه تعالى عُبِّر بهما عن إسبال النعم على العباد وإمهال العصاة وقبول التوبة منهم ونحو ذلك (لافتقرا إلى القرينة) إذ كل مجاز لا بد فيه من قرينة صارفة عن معناه الحقيقي كما سبق ذكره (وهمالا يفتقران) إليها (بل لايجري لفظ رحمن مطلقاً) أي: مضافاً وغير مضاف (و) لا يجري لفظ (رحيم) حال كونه (غير مضاف إلا له تعالى) دون غيره.

  وأما إذا أضيف رحيم فإنه يقال: فلان رحيم بعشيرته قال الله سبحانه في وصف النبي ÷: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨}⁣[التوبة].

  (ولو كانا) أي: رحمن ورحيم (لغويتين) أي: حقيقتين لغويتين (لاستلزما التشبيه) له جل وعلا عن ذلك بذي الحنو والرقة والشفقة من خلقه، (وقد مر إبطاله) أي: إبطال التشبيه على الله سبحانه.

  قلت: ولا بعد في كونهما مجازاً في حقه تعالى، وقرينتهما العقل والسمع.

  أما دلالة العقل: فلأن العقل يحكم بأن الحنو والرقة والشفقة عرض حال في الأجسام والله سبحانه ليس بجسم ولا عرض فيستحيل أن يحل فيه تعالى شيء أو يحل هو جل وعلا في شيء لأن كل حال أو محلول فيه محدث، وقد ثبت أن الله سبحانه قديم ليس بمحدث.

  وأما السمع فنحو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، ونحو ذلك.