[مناظرة للقاسم بن إبراهيم # مع الملحد]
[مناظرة للقاسم بن إبراهيم # مع الملحد]
  وقال القاسم بن إبراهيم # في جواب الملحد حين قال له: إنه قد بقي في قلبي شبهة، فأحب أن تقلعها بحسن رأيك ونظرك.
  قال القاسم #: هاتها لله أبوك!
  قال: خبرني عن الله ø، لِمَ يميت الإنسان، ويصيِّره ترابا، بعد أن جعله ينطق بغرائب الحكمة، وبعد هذه الصورة العجيبة البديعة؟! ولِمَ يفني العالم كله؟! أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء فنقضه لا لمعنى، هل يكون حكيما؟!
  قال القاسم #: ليس الأمر كما ظننت، أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء للشتاء فلما جاء وقت الصيف نقضه وبناه للصيف، هل يكون حكيما؟
  قال الملحد: نعم.
  قال القاسم: ولِمَ؟
  قال: لأن الذي اتخذه للشتاء لا يصلح للصيف، وكذلك الذي اتخذه للصيف لا يصلح للشتاء.
  قال القاسم #: وكذلك الله ø، خلق الدنيا وما فيها للابتلاء، فإذا انتهى إلى أجله وحينه، أفناها، ويعيدها ثانيا {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}[النجم]. ولا يكون ذلك خروجا من الحكمة، بل الحكمة في أن لا يضيع الثواب والعقاب.
  قال الملحد: إن التوحيد، والتعديل، والرسل، قد تكلم فيها ناس من أهل الملل وكل يشك في الميت، هل يحيى أم لا؟ وكلٌ يجيء في ذلك بشيء، فإن دللتَ على ثباته، وكيفيته، لم تبق لي مسألة، وحينئذ آمنت بربي.
  قال القاسم #: أما الدلالة على حياتها فإني وجدت الله تبارك وتعالى حكيما، قد امتحن خلقه، وأمرهم، ونهاهم، وكان قول من يقول بإزالة الامتحان، داعيا إلى الإهمال، والإهمال داعٍ إلى أن الله غير حكيم، وإذاً جاز أن