(فصل في التفضيل)
  وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ}[الأنبياء: ٧٨]، وقال لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ}[طه: ٤٣]، وكان إبراهيم وإسماعيل ولوط في زمن واحد يدعون إلى الله تعالى فإذا استقام أن يكون الداعي إلى الله تعالى من الرسل في زمن واحد اثنين وثلاثة فذلك فيما دون النبوءة أجوز. انتهى.
  قلت: وأما ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما» فلعله من رواية الحشوية، ولو فرضنا صحته وجب تأويله.
  المسألة الثانية: هل يجوز للإمام أن يتنحى عن الإمامة بعد انتصابه لها وشهر سيفه ونصب رايته، فالذي نعرفه من مذهب أئمتنا $ أنه لا يجوز له التنحي عنها مهما وجد أعواناً أوكان راجياً لذلك لأنه قد تعلق به تكليف فلا يسقطه عنه إلا عدم الاستطاعة فإن وجد من هو أنهض منه بالأمر وأنفع للمسلمين وجب عليه التنحي له والله أعلم.
  المسألة الثالثة: فيما تبطل به إمامة الإمام والذي تبطل به إمامته أمور ثلاثة الأول من فعل الله سبحانه وهو كل ما كان مانعاً من مخالطة المسلمين ومباشرتهم ومعرفة أحوالهم كالعمى والجنون المطبق والصمم الشديد والجذام ونحو ذلك.
  والثاني: ما هو من فعله كالفسق وذلك بعيد في حق من كملت فيه شروط الإمامة وعدم القيام بما يجب عليه من ثمرة الإمامة. وعدم التأثير في منابذة الظالمين والقيام بأمور الدين.
  والثالث: ما يرجع إلى فعل غيره كالأسر المأيوس والعبرة في ذلك بأياس الرعية والله أعلم.
(فصل في التفضيل)
  اعلم أن التفضيل من جملة البلوى التي يبتلي الله بها عباده لأن الابتلاء منه جل وعلا بضروب من المحن والفتن من ذلك البلوى بمقارنة هوى النفس للعقول ومن ذلك البلوى باشتمال القرآن على المحكم والمتشابه ومن ذلك