شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر بعض خرافات الثنوية والمجوس وغيرهم والجواب عليهم]

صفحة 454 - الجزء 1

  فأما من عداهم من البُلْه وناقصي العقول فإنه لا يبعد أن يكونوا معتقدين فيها الإلهية ولكن لا عبرة بأقوالهم.

  قال: وأقرب التأويلات ما ذكر أبو معشر جعفر⁣(⁣١) بن محمد المنجم البلخي فإنه ذكر أن كثيراً من أهل الهند والصين كانوا يقرون بالله وملائكته إلا أنهم كانوا يعتقدون في الله تعالى الجسمية ويقولون إنه تعالى ذو صورة حسنة كأعجب ما يكون من الصور، وأن الملائكة لهم صور عجيبة رائقة.

  وزعموا أنهم قد احتجبوا عنهم بالسموات فلا جرم اتخذوا صوراً وتماثيل أنيقة المنظر حسنة الأشكال على الصور التي كانوا يعتقدون اختصاص الله تعالى بها وملائكته ثم يعكفون على عبادتها قاصدين بذلك طلب الزلفى إلى الله وإلى ملائكته.

[ذكر بعض خرافات الثنوية والمجوس وغيرهم والجواب عليهم]

  وأما الثنوية فهم فرق كما سبق ذكره أما الذين زعموا أن العالم ممتزج من النور والظلمة فنذكر قبل حكاية معتقدهم حقيقة القول في النور والظلمة على ما ذكره الإمام يحيى # في الشامل.

  قال: اعلم أن الحق عندنا أن استنارة الأجسام ليس نفس كونها أجساماً بل يجب أن يكون المرجع بالاستنارة إلى أعراض قائمة بها، وأن الظلمة ليست عبارة عن أمر محقق وجودي بل المرجع بها إلى عدم النور.

  وأما حكاية ما ذكروه فزعموا عن آخرهم أن حصول العالم وتكوينه من امتزاج النور والظلمة وأنهما كانا في الأصل متباينين لا ثالث لهما ثم امتزجا في


(١) جعفر بن محمد بن عمر البلخي، أبو معشر: عالم فلكي مشهور. كان أولاً من أصحاب الحديث، وتعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره، كان أعلم الناس بتاريخ الفرس وأخبار سائر الأمم. وعمر طويلاً، جاوز المائة. أصله من بلخ، في خراسان. أقام زمنا في بغداد ومات بواسط. تصانيفه كثيرة، منها: الدول والملل، والملاحم، وهيئة الفلك، وطبائع البلدان. [وفاته] ٢٧٢ هـ. (الأعلام للزركلي باختصار).