شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فرع: والله سامع مبصر)

صفحة 385 - الجزء 1

  (قالوا): لو كان الإدراك في حق الله سبحانه بمعنى العلم لما وجدناالفرق بين إدراك الشيء والعلم به: و (قد وجدنا الفرق بين العلم والإدراك بالسمع والبصر) فلا يصح أن يراد بسميع بصير أي: عالم وذلك (كلو فتح أحدنا عينيه وأمامه مرئي) فإنه يراه لا محالة (ثم) إذا (غمض) عينيه لم يره مع أنه يعلمه، فعلمه به حين يغمض عينيه مغاير لإدراكه حين فتح الحدقة فثبت الفرق بين العلم والإدراك (وأجلى الأمور) الفارقة (ما وجد من النفس) أي: من العقل وقد وجدنا ذلك الفرق من نفوسنا.

  (قلنا) رداً عليهم: (إنا لا ننفي إدراكه تعالى للمدرَكات) أي: علمه بها، (لكن بذاته) لا بسمع ولا بصر ولا حياة كما مر في فصل صفات الله سبحانه و (كما يأتي إن شاء الله تعالى) في هذا الفرع.

  وأما اختلاف الإدراك في حق الله سبحانه فمحال؛ لأن الاختلاف إنما يكون بحسب الآلات ولا تكون الآلة إلا للمخلوق.

  (وأما قياسكم له تعالى) على المخلوقين كما ذكرتم في فتح العين وتغميضها (ففاسد) عند كل عاقل؛ (لأنه) تعالى (ليس له من جارحة عينين يفتحهما ثم يغمضهما - تعالى الله عن ذلك) علواً كبيراً - (فالفرق بينكم وبينه جلي؛ إذ لا يُدرِك بالحواس ولا يقاس) جل وعلا (بالناس، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ٤])، فبطل ما زعمه المخالف في هذه المسألة، وصح ما ذكره أئمة أهل البيت $ ومن وافقهم من البغداديين وغيرهم.

(فرع: والله سامع مبصر)

  (جمهور أئمتنا $ والبغدادية: وهما بمعنى عالم كما مر).

  وقال (بعض أئمتنا $) كالإمام المهدي وغيره $ (وبعض شيعتهم) كالقرشي والنجري وغيرهم، (والبصرية) من المعتزلة: (بل هما) أي: سامع مبصر (صفتان له) تعالى (حين يدرك المسموع والمبصَر بالحياة، كما مر) لهم.