[ذكر الأدلة على نفي الرؤية والجواب على من يقول بها]
  بالكتابة (وذلك) أي: استلزام الغفلة (يبطله) أي: يبطل أن يكون اللوح على حقيقته؛ (لأن الله) سبحانه (ليس كذلك) أي: ليس ذا غفلة، (لما مر) من أنه تعالى لا تجوز عليه الغفلة ولا تحله الأعراض تعالى عن ذلك.
[ذكر الأدلة على نفي الرؤية والجواب على من يقول بها]
  (فرع) آخر يتفرع على كونه تعالى لا يشبه شيئاً: قالت (العترة $ جميعاً وصفوة الشيعة) من الزيدية (والمعتزلة وغيرهم) كالخوارج والمرجئة وغيرهم: (والله سبحانه لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة)؛ وذلك (لأن كل محسوس) أي: مدرَك بأي الحواس الظاهرة إما بالبصر أو بالسمع أو بالشم أو بالطعم أو اللمس (جسم أو عرض فقط، وكل جسم أو عرض محدث لما مر) من الأدلة على حدوث الأجسام والأعراض واستحالة أزليتها، وكون الإحساس من خواصها، (والله تعالى ليس بمحدث لما مر) من الأدلة على كونه تعالى لا أول لوجوده، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣}[الحديد].
  وأيضاً لو صح أن يرى تعالى الله عن ذلك لاختص بجهة من الجهات ومكان من الأمكنة، والله يتعالى عن ذلك إذ كان سبحانه ولا مكان ولا جهة ولا زمان.
  وروي عن أبي الحسن علي بن أبي بشر الأشعري أنه قال: يدرك تعالى بجميع الحواس فيُشَمّ ويُسمع ويُحس ولم يقل بذلك غيره.
  وقالت (الأشعرية: بل يُرى في الآخرة بلا كيف) أي: بلا تكييف ولا إشارة إلى جهة من الجهات لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا خلف ولا قدام.
  (قلنا: لا يعقل) قولهم هذا فبطل ما زعموه.
  وقال (الرازي: معناه) أي: معنى قولهم: إنه يُرى في الآخرة بلا كيف (معرفة ضرورية وعلم نفسي بحيث لا يشك فيه) أي: يعلم علماً ضرورياً حينئذً.