[القرآن المعجزة الكبرى والخلاف في وجه إعجازه]
  وروي أيضاً عن عطاء(١) والحسن قالوا: لو وقع لكان متواتراً مشهوراً عند الموالف والمخالف لعظم موقعه وكونه من الخوارق الباهرة.
  (لنا) حجة عليهم (قوله تعالى): {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: ١]، والظاهر) من قوله تعالى: {وانشق} (المضي)؛ لأنه فعل ماض ولا موجب للعدول عن هذا الظاهر، ولقوله تعالى بعدها: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ٢ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} وهذا مطابق لما ورد في حديث الانشقاق أن المشركين كأبي جهل بن هشام قالوا عند وقوعه: هذا سحر كما حكى الله عنهم.
  (و) لنا أيضاً (أخبار كثيرة) تقضي بأنه قد وقع منها ما تقدم و (منها حتى رأى عبدالله بن مسعود جبل حراء من بين فلقتيه).
  قال ابن مسعود: رأيت جبل حراء بين فلقي القمر.
  وأما قول البلخي والخياط: إنه لو وقع لم يقع التمالي على دفعه وإنكاره فنقول: ليس بأبلغ من كلام عيسى في المهد وإحياء الموتى، وقد تمالت اليهود على إنكاره، ولأنه أيضاً وقع ليلاً وهو وقت غفلة.
  قلت: وأيضاً فإن المشركين لما كذبوا وجعلوا ذلك سحراً وإن كان آية كبيرة لم يحتفلوا به ولا بنقله بل جعلوه وراء ظهورهم إذ كتموه مخافة أن يكبر أمر النبي ÷ فيتبعه الناس ومع ذلك يقل الناقل له، فلهذا لم يتواتر كغيره والله أعلم.
[القرآن المعجزة الكبرى والخلاف في وجه إعجازه]
  واعلم أنه لما كان نبيئنا ÷ خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده إلى يوم الدين أنزل الله عليه القرآن وجعله الحجة على خلقه ولا خلاف بين الأمة أن القرآن كلام الله تعالى وأن محمداً ÷ جاء به وأنه معجزته الكبرى الباقية إلى انقطاع التكليف.
  واختلفوا في وجه إعجازه:
(١) عطاء بن السائب بن مالك، الثقفي الكوفي. توفي سنة ١٣٦ هـ. (طبقات الزيدية باختصار).