شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[القرآن المعجزة الكبرى والخلاف في وجه إعجازه]

صفحة 378 - الجزء 2

  وروي أيضاً عن عطاء⁣(⁣١) والحسن قالوا: لو وقع لكان متواتراً مشهوراً عند الموالف والمخالف لعظم موقعه وكونه من الخوارق الباهرة.

  (لنا) حجة عليهم (قوله تعالى): {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}⁣[القمر: ١]، والظاهر) من قوله تعالى: {وانشق} (المضي)؛ لأنه فعل ماض ولا موجب للعدول عن هذا الظاهر، ولقوله تعالى بعدها: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ٢ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} وهذا مطابق لما ورد في حديث الانشقاق أن المشركين كأبي جهل بن هشام قالوا عند وقوعه: هذا سحر كما حكى الله عنهم.

  (و) لنا أيضاً (أخبار كثيرة) تقضي بأنه قد وقع منها ما تقدم و (منها حتى رأى عبدالله بن مسعود جبل حراء من بين فلقتيه).

  قال ابن مسعود: رأيت جبل حراء بين فلقي القمر.

  وأما قول البلخي والخياط: إنه لو وقع لم يقع التمالي على دفعه وإنكاره فنقول: ليس بأبلغ من كلام عيسى في المهد وإحياء الموتى، وقد تمالت اليهود على إنكاره، ولأنه أيضاً وقع ليلاً وهو وقت غفلة.

  قلت: وأيضاً فإن المشركين لما كذبوا وجعلوا ذلك سحراً وإن كان آية كبيرة لم يحتفلوا به ولا بنقله بل جعلوه وراء ظهورهم إذ كتموه مخافة أن يكبر أمر النبي ÷ فيتبعه الناس ومع ذلك يقل الناقل له، فلهذا لم يتواتر كغيره والله أعلم.

[القرآن المعجزة الكبرى والخلاف في وجه إعجازه]

  واعلم أنه لما كان نبيئنا ÷ خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده إلى يوم الدين أنزل الله عليه القرآن وجعله الحجة على خلقه ولا خلاف بين الأمة أن القرآن كلام الله تعالى وأن محمداً ÷ جاء به وأنه معجزته الكبرى الباقية إلى انقطاع التكليف.

  واختلفوا في وجه إعجازه:


(١) عطاء بن السائب بن مالك، الثقفي الكوفي. توفي سنة ١٣٦ هـ. (طبقات الزيدية باختصار).