فصل: في أحكام قدرة العبد
  وكما قال الهادي #: لا حول ولا محال، ولا إدبار ولا إقبال إلا بالله، ومعنى إلا بالله فهو: إلا بتمكين عباده وذلك الحول بما جعل من الاستطاعة ولا مقدرة على شيء من الأشياء إلا بما جعل الله من ذلك في تلك الأعضاء وأعطى خلقه في كل ذلك من الأدوات والأشياء التي تكون فيهم بها القوة والحول وينالون بها ما يحبون من فعل وطول.
  قال (أئمتنا $ والبهشمية) أي أتباع أبي هاشم: (وهي) أي قدرة العباد (باقية) فيهم بعد إيجاد الفعل الأول من أفعالهم ولا تعدم بعد الفعل.
  وقال أبو القاسم (البلخي و) محمد(١) بن عبدالله (الصيمري و) أبو الحسن بن أبي بشر (الأشعري): ليست باقية (بل) تعدم بعد الفعل الأول و (يجددها الله تعالى عند الفعل) الثاني فكلما أراد العبد فعلاً جددها الله له وذلك بناء منهم على أصلهم في الأعراض بأنها كلها لا تبقى ذكره الإمام المهدي #.
  (لنا) حجة على قولنا: (حسن ذم من لم يمتثل) أمر من تجب طاعته (إذ لو لم تكن حاصلة) في العبد عند أمره (لم يحسن ذمه) على عدم امتثاله؛ لأنه غير متمكن من الفعل (كعادم الآلة) للفعل التي لا يتمكن الفاعل من الفعل إلا بها فإنه إذا عدمها لم يحسن ذمه على ترك الفعل الذي أمر به فلما حسن ذمه علمنا أن قدرته على الفعل موجودة حين الأمر وذلك واضح.
  فإن قيل: إنما حسن ذمه لعدم إرادة الفعل لأنه لو أراد الفعل لخلق الله له قدرة يفعل بها.
  فالجواب والله الموفق: أن إرادته لا تعلق لها بقدرته لأن قدرته خلقها الله له
(١) ذكره هنا محمد بن عبدالله وفي الشافي وبعض المصادر محمد بن عمر ولعله كما في المنية والأمل محمد بن عمر الصيمري من الطبقة التاسعة من المعتزلة كان عالما زاهدا أخذ عن أبي علي، وكان قد أخذ قبله عن معتزلة بغداد أبي الحسين وغيره، وله كتب ومناظرات وكان عند ضيق الأمر به ربما يعلم الصبيان فيرزق ويكتسب من هذا الوجه. (باختصار).