شكر وتقدير:
  وإن كان أحد قوليه أضفنا إليه قافا مثاله أحد قولي الهادي # (قهـ)،
  وبهذا يظهر أن المراد في الآية الخمسة لا غيرهم.
  فإن قيل: إن ورودها في سياق الزوجات؛ أجيب: بأن دلالة السياق ظنية، ودلالة الأخبار قطعية والظن يضمحل مع القطع على أن الآية كلام مستقل مفيد لا يحتاج إلى ما قبله ولا إلى ما بعده ويؤيد ذلك تذكير الضمير حيث قال: و {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}[الأحزاب: ٣٣]، {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب] بخلاف ما قبل ذلك على أنه لو أراد الزوجات لأتى سبحانه بما يصلح للإناث ولقال عنكن ويطهركن كما فيما قبلها وما بعدها.
  فإن قيل: إن ذلك يؤدي إلى أن لا يتلاءم طرفا الكلام وهو خلاف الفصاحة والبلاغة التي هي وجه إعجاز القرءان؛ أجاب(١) بعض أئمتنا $ بما لفظه: ذلك غير مسلم بل الملائمة حاصلة ووجهها أن التعلق برسول الله ÷ ثابت لأهل بيته وزوجاته، وأيضا قد أمرهن بأوامر قبل الآية وبعدها فحثهن على القيام بتلك الأوامر ثم ذكر أهل البيت المطهرين ليحرصن على القيام بما أمرن لأن أهل البيت المذكورين لم يستحقوا التطهير وإذهاب الرجس إلا لقيامهم بما أمروا به؛ وهذان وجهان ظاهران لمن له أدنى معرفة بدقائق علم المعاني على أنه لو كان شيء من التنافر ما وردت به الأخبار متواترة اهـ.
  قال والدنا الإمام الهادي لدين الله ثبته الله: ثم إن القاطع عن الأسئلة والاعتراضات قوله سبحانه و {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] وقد بين ذلك النبي ÷ من المراد بها في أحاديث كثيرة بالغة حد التواتر.
  فإن قيل: الآية تحتمل دخول غيرهم معهم؛ أجيب: إن الحديث خص الخمسة واخرج غيرهم في ذلك الوقت من الموجودين من وجوه: -
  الأول: اشتماله عليهم بالكساء دون غيرهم ليكون بيانا بالفعل مع القول.
  الثاني: أنه ÷ قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي ....» مؤكدا للحكم بان المراد هم دون غيرهم وإلا لقال: اللهم هؤلاء من أهل بيتي.
  الثالث: تعريف المسند إليه باسم الإشارة الذي يفيد تمييزه أكمل تميز كما يعرفه أهل المعاني.
  الرابع: أنه أتى بالجملة مكررة(٢) بالتأكيد ليرفع توهم دخول الغير كما هو شان التأكيد اللفظي عند أهل اللغة.
  الخامس: دفعه لام سلمة بأن قال لها: «مكانك أنت من أزواج النبي ÷»، وفي بعض الأخبار «لست من أهل البيت أنت من أزواج النبي ÷»، وفي بعضها «أنت ممن أنت منه» فعل إخراجها بأنها من الزوجات وأن جميعهن خارجات.
  السادس: أنه لو أريد بالآية غيرهم معهم لما دعاهم ÷ وحدهم ولما أشار إليهم وحدهم بل يكون ذلك الفعل والحكم بأنهم أهل البيت وحدهم تلبيسا وخيانة في التبليغ وحاشا رسول الله ÷ عن ذلك.
  فيقطع حينئذ مع هذه الوجوه بخروج غيرهم من أن يكونوا من أهل البيت سواء كن الزوجات أو سافر الأقارب كبني العم ونحوهم كما يقتضيه بيانه وإيضاحه للمقصود من الآية.
  فإن قيل: [إن](٣) المنصوص عليه في الآية إرادة الإذهاب لا الإذهاب نفسه فلا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد لأن الله سبحانه وتعالى قد يريد شيئا ولا يقع كما يريد الطاعة من العصاة ولا تقع، قلت: مسلم إذا تعلقت إرادة الله تعالى بأفعال المخلوقين لأنه تعالى أرادها منهم باختيارهم ولم يردها منهم مطلقا، وأما ما أراده تعالى من أفعاله فهو واقع لا محالة عند الإرادة ولأنه اسند الفعلين إلى نفسه فهما فعله قطعا، قلت: ولأنه إذا أراد شيئا من أفعاله ولم يقع كان عجزا أو بدا وهما محال على الله سبحانه، ولقوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}[يس]، ونحو ذلك.
(١) هكذا في المسودة، وفي نسخة: (وأجاب) بالواو. تمت.
(٢) في إحدى الروايات. تمت.
(٣) ما بين المعكوفين من المسودة. تمت.