فصل فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
  ومصرفها مصرف الزكاة لما مر، وأما الاحتجاج بحديث (ابن عباس) في قصة أوس على جواز الصرف في نفسه وأهله [٩٧] فلا يصح لوجهين: أحدهما: أنه معارض لحديث علي لكل مسكين صاع -، واللام هنا للتمليك مع انه أعرف بما كان آخر أمر الرسول ÷ عليه ولو كان كذلك لبينه # كما بين ذلك في قصة المواقع أهله في نهار رمضان - فلما لم يبينه عرف انه منسوخ؛ ولذا أن أبا جعفر(١) لما رواه قال: ولا يصلح هذا لأحد بعده ÷.
  الثاني: أنا روينا في حديث سلمة بن صخر عن النبي ÷ «كل أنت وعيالك بقيته» [٩٨] أي بقية ما أعطاه ÷ مما زاد على إطعام ستين فيجب حمل المطلق على المقيد وهو أولى للجمع بين الروايات.
  (أبو العباس والزمخشري(٢)) فإن اطعم بعضا ومس ثم اطعم الباقين أجزته ولم يستأنف إجماعا.
  (القاسمية ثم الفريقان ومالك) وكفارة العبد شهران إذ لم يفصل الدليل، وحكى ابن بطال الإجماع على أن العبد إذا ظاهر لزمه وأن كفارته بالصيام شهران كالحر.
  قوله: بحديث ابن عباس في قصة اوس عن ابن عباس في قوله تعالى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}[المجادلة: ١] إلى أن قال: إن رسول الله دعا أوسا فقال: «اعتق رقبة» قال: لا أجدها، هي تحيط بمالي إن اعتقت رقبة لم يكن لي مال إلا شقص في دار فقال له النبي ÷: «صم شهرين متتابعين» قال: إن لم أكل كل يوم ثلاث مرات لم أبصر قال: «فأطعم ستين مسكينا» قال: ما عندي ما أتصدق به إلا أن يعينني الله ورسوله فأعانه رسول الله ÷ بعرق من تمر، وهو: الزنبيل فيه ثلاثون صاعا من تمر كان عند النبي ÷ من الصدقة فقال: يا رسول الله ما بين لابتي المدينة أهل بيت أحوج إليه منا قال: «فانطلق فكله أنت وأهلك وقع على امرأتك» رواه محمد بن منصور من رواية السدي في العلوم وقال: لا يصلح هذا لأحد بعد النبي ÷، وهو في تتمة الشفاء أيضا، وروى نحوه في الأصول عن الهادي #، قلت: وقد روي في قصة اوس غير هذه الرواية وهو ما رواه المؤيد بالله أن خولة كانت تحت اوس بن الصامت فأتت النبي ÷ فقالت: ظاهر مني زوجي وشكت حالها إلى النبي ÷، فأنزل الله هذه الآية فقال النبي ÷: «يعتق رقبة» قالت: لا يجد قال: «يصوم شهرين متتابعين» قالت: يا رسول الله انه شيخ كبير ما به ما صام قال: «فيطعم ستين مسكينا» قالت: ما عنده شيء يتصدق به قال: «فأني سأعينه بعرق من تمر» قالت: وأنا أعينه بعرق من تمر آخر قال: «أحسنت اذهبي فاطعمي ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك» رواه في تتمة الشفاء والمنهاج والأصول، وأخرجه أبو داود ولأحمد معناه وسكت عنه ابوداود والمنذري واخرج الحاكم وابن ماجة نحوه من حديث عائشة وأصله في البخاري فهذه الروايات كما ترى والواقعة واحدة كما هو ظاهر الروايات ولم أجد أنها وقعت مرتين والجمع بينها بعيد ومع الاضطراب لا تنتهض بها حجة.
  قوله: لحديث علي تقدم.
  قوله: وحديث سلمة الخ من حديث سلمة بن صخر لما ظاهر من امراته وواقعها فانطلق إلى رسول الله ÷ فأخبره قال: «حرر رقبة» قلت: والذي بعثك بالحق نبيا ما املك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال: «فصم شهرين متتابعين» قال: فهل أصبت الذي أصبت إلا في الصيام قال: «فانطلق إلى صاحب الصدقة فليدفعها إليك فاطعم ستين مسكينا وكل أنت وعيالك بقيته» اهـ، وهو في المنهاج الجلي وتتمة الشفاء والأصول، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود برواية بسيطة وفيها «اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا من تمر ستين مسكينا ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك» انتهى.
(١) أبو جعفر: محمد بن منصور المرادي. تمت.
(٢) وأبو جعفر وابن داعي ذكرهما في البحر. تمت.