فصل وخيار المغابنة مشروع
  وقد روي روايات غير هذه مختلفة ألفاظها مضطربة متونها [١٣٣]، وبعضها موجب(١) لرفع رواية المجموع، وبعضها مؤد إلى الجهل في تقدير كمية الرد، والشارع لم يكن ليدعنا هملا بل جعل لنا عند ورود الشبه والخلافات علما، وهو اعرف بمراد الشارع ÷، فيجب علينا الاقتصار على ما رواه إذ هذه المسألة مخالفة لأصول القياس لا يصح الاعتماد فيها إلا على ما لا سبيل إلى التطرق فيه بالمطاعن(٢) والاحتمالات(٣)، ولا يقال إنها للتخيير في رد أيها شاء لما ذكرنا(٤).
  فصل «٤» وخيار المغابنة مشروع لخبر المخدوع [١٣٤]، وهو ثابت لمن يغبن غبنا يخرج به عن غبن مثله في التجارة مع قوله لا خلابة(٥) لخبر حبان [١٣٥]، وهو مقيد لخبر المجموع(٦)، ومعنى الخلابة: الخديعة أي لا خديعة ولا غرر، ولا يجوز ذلك لقوله ÷ «غبن المسترسل ريا» [١٣٦] اهـ، والاسترسال: هو الاستئناس والطمأنينة والثقة به فيما يحدثه، ذكره في النهاية، قلت: وخياره ثلاثا للخبر. (الهدوية) ويثبت الخيار(٧) في البيع والشراء لخبر المجموع.
  قوله: روي روايات عن ابن عمر عن النبي ÷ انه قال: «من اشترى محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل لبنها أو مثلي لبنها قمحا» رواه في الأصول والشفاء وأخرجه أبو داود، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «من اشترى لقحة مصراة أو شاة مصراة فحلبها فهو باحد النظرين بالخيار إن شاء ردها وإناءً من طعام» أخرجه البيهقي، وفي الأصول عن النبي ÷ «فيمن اشترى مصراة فانه بخيار النظرين بين أن يختارها وبين أن يردها وإناء من طعام» اهـ، وفي الشفاء والأصول خبر وفي بعض الأخبار أنه قال ÷: «ورد صاعا من لبن»، وفي بعضها «صاعا من بر» ولفظ الأصول «تمر» اهـ.
  قوله: لخبر المخدوع عن علي أن رسول الله ÷ جاءه رجل فقال: يا رسول الله إني اخدع في البيع فجعل له رسول الله فيما باع واشترى الخيار ثلاثا - رواه في المجموع والأصول.
  قوله: لخبر حبان روي أن النبي ÷ قال: لحبان بن منقذ لما كان يخدع في البيع والشراء ولا يتركهما: «من بايعته فقل لا خلابة، وانت بالخيار ثلاثا» هذا لفظ الشفاء وأخرجه الحميدي في مسنده من حديث ابن عمر والبخاري في تاريخه والحاكم في مستدركه وفيه [محمد بن إسحاق] قال في التلخيص: وصرح بسماع ابن إسحاق اهـ وأخرجه من حديث محمد بن يحيى البخاري في تاريخه وابن ماجة والدار قطني.
  قوله: لقوله ÷ «غبن المسترسل ربا» رواه في العلوم من رواية الباقر.
  قوله: للخبر ولخبر المجموع تقدم.
(١) كرواية مثلي لبنها قمحا إذ اللبن يختلف في القلة والكثرة لاختلاف الزمان والمكان والذات والمطعم فإذا كان لبنها صاعا في المصراة وجب رد صاعين فهو رافع لرواية المجموع، وإذا كان ربع صاع وجب نصف صاع وهو خلاف رواية المجموع. تمت.
(٢) كرواية ابي هريرة. تمت.
(٣) كرواية ابن عمر وغيره إن صحت. تمت.
(٤) من المطاعن والإحتمالات. تمت.
(٥) فيكون حاصل معنى هذه اللفظة لا تلزمني خلابتك وخديعتك يعني إذا انكشفت الخديعة فلي الخيار فإذا قال كذلك أو ما يؤدي معناه من الألفاظ المتضمنة لشرط الخيار ثبت له الخيار، وحده الشارع بثلاثة أيام ولو لم يتلفظ به المشتري عند العقد. تمت.
(٦) لأن خبر المجموع ليس فيه لفظ لا خلابة. تمت.
(٧) أي خيار المغابنة. تمت.