نون التوكيد
  قوله: (المستقبل) يحترز من الماضي والحال فلا تدخلهما لأن التأكيد لا يكون إلا فيه طلب، ولا طلب فيهما، لأن الماضي قد وقع، والحال على وقوع، وقد جاز دخولها في الماضي نحو:
  [٨٤٨] دامنّ سعدك إن رحمت متيما ... لولاك لم يك للصبابة جانحا(١)
  وتوؤل بأنه معنى الدعاء، فإذا دخلت على المستقبل أثرت في لفظه ومعناه، فاللفظ إخراجها من الإعراب إلى البناء، والمعنى خلاصه من الاستقبال بعد صلاحيته للحال معا، ولهذا لا يدخل على ما فيه السين وسوف، لأنهم لا يجمعون بين علامتي معنى واحد.
  قوله: (في الأمر والنهي) دخولها في الأفعال على ثلاثة أقسام، ممتنع وواجب وجائز، فالممتنع في الماضي والحال، والجائز في أقسام عشرة: الأمر والنهي والاستفهام والتمني، والعرض والتخصيص، والترجي والشرط المؤكد، والنفي والتعليل، وهي على ثلاثة أضرب، مختار دخولها ومختار حذفها، ومستوى الأمرين، فالمختار دخولها مع أنّ المؤكدة ب (ما) نحو {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً}(٢) وإنما اختير دخولها لأنهم كما أكدوا الحرف ب (ما) أو تأكيد الفعل أولى، لأنه المقصود والمستوي الأمران، في مواضع
أقائلنّ أحضر الشهودا ... فظلّت في شرّ من اللذّ كيدا
كاللذّ تزبى صائدا فاصطتدا
والشاهد فيه وقوله: (أقائلن) حيث أكد اسم الفاعل بنون التوكيد وهذا على سبيل الشذوذ.
(١) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ١٤٣، ومغني اللبيب ٤٤٤، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٦٠، وهمع الهوامع ٤/ ٤٠١. ويروى في المصادر لو بدل إن.
والشاهد فيه قوله: (دامنّ) حيث أكد الفعل الماضي بنون التوكيد الثقيلة.
(٢) مريم ١٩/ ٢٦ وتمامها: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً ...}.