النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[في ما ذا صنعت وجهان]

صفحة 693 - الجزء 2

  [٤٤١] ألا تسألان المرء ما ذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل⁣(⁣١)

  قوله: (والثاني أي شيء) [وجوابه نصب]⁣(⁣٢) يعني أن الوجه الثاني: أن تكون (ماذا) بكما لها بمعنى أي شيء فيكون التقدير: أي شيء صنعت؟

  وهي مفعولة (لصنعت) تقدمت على فعلها لتضمنه معنى الاستفهام، وجوابه (خبرا)، بالنصب أي صنعت خيرا، وقد ورد على المعنيين جميعا قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}⁣(⁣٣) برفع العفو ونصبه و {ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً}⁣(⁣٤) بالرفع والنصب، هذا على سبيل الاختيار للمطابقة أعني الرفع، حيث تكون (ما) بمعنى الذي، والنصب حيث تكون (ما) بمعنى أي شيء، وإلا فالرفع والنصب جائز في كل واحد منهما، فالرفع بتقدير مبتدأ، والنصب بتقدير فعل، وجميع هذا إنما يكون ل (إذا) كان كلام المجيب يصح معمولا لكلام السائل، فتحذف أحد الجزأين استغناء بدلالة كلام السائل عليه، نحو (ما كتبت مصحفا؟) أي كتبت مصحفا، فإذا


(١) البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعه في ديوانه ٢٥٤، والكتاب ٢/ ٤١٧، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٠ ومجالس ثعلب ٥٣٠، والجنى الداني ٢٣٩، وشرح المفصل ٣/ ١٤٩، ومغني اللبيب ٣٩٥، وشرح شواهد المغني ١/ ١٥٠، ٢/ ٧١١، وشرح الرضي ٢/ ٥٨.

والشاهد فيه قوله: (ماذا يحاول) حيث استعمل (ذا) موصولة بمعنى (الذي) وأخبر بها عن (ما) الاستفهامية وأتى لها بصلة وهي جملة فعلية (يحاول).

(٢) في الكافية المحققة زيادة وهي قوله: (وجوابه نصب) وشرح هذه الجملة مأخوذة بتصرف من شرح المصنف دون إسناد، ينظر شرح المصنف ٧٥.

(٣) البقرة ٢/ ٢١٩، وقرأ الجمهور بالنصب وقرأ أبو عمرو بالرفع وابن كثير روي عنه النصب كالجمهور والرفع كأبي عمرو. ينظر البحر المحيط ٢/ ١٦٨، وتفسير القرطبي ١/ ٨٦٩، وفتح القدير ١/ ٢٢٠.

(٤) النحل ١٦/ ٣٠ وتمامها: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ}

وقرأ الجمهور خيرا بالنصب أي أنزل خيرا، وقرأ زيد بن علي بالرفع أي المنزل خير (ينظر البحر المحيط ٥/ ٤٧٣).