[الفاء]
  لو كانت ناصبة بنفسها لنصبت في غير هذين الموضعين(١)، وأصل الفاء التعقيب وقد يراد بها التسبيب، وقيل: التسبيب الأصل، والمعنيان متقاربان، إلّا أن التسبيب أخص من حيث إنه مؤثر في المسبّب بخلاف المتعقب، فكل مسبب متعقّب وليس كلّ متعقب مسببا، والنصب لا يكون مع القطع لاستقلاله، ولا مع التعقيب لأنه عطف، وما قبله غير منصوب، فإن كان منصوبا نحو: (ما سرني أن تقوم فتسافر) فالنصب، لكنه غير ما نحن بصدده، فإذا دخل النفي على الوجوه الثلاثة، التسبيب والتعقيب والقطع نحو: (ما تأتينا فتحدثنا)(٢) جاز الرفع على وجهين والنصب على وجهين:
  أما وجها النصب فأحدهما: أن يريد ما تأتينا [و ١١٦] فتحدثنا، بل تأتي لغير الحديث، فكأنه نفس الإتيان على هذه الحالة لا الإتيان مطلقا.
  الثاني أن تضمن معنى فعل التعجب، أي ما تأتينا فتحدثنا، أي فكيف تحدثنا، كأنه ادّعى الحديث فقيل له: إنه لم يقع الإتيان، فكيف يقع الحديث.
  وأما وجها الرفع فأحدهما نفي الإتيان ونفي الحديث، والفرق بين هذا وبين معنى النصب الثاني أن في النصب تعجبا وردّا على مدعي التحديث بخلاف هذا الوجه. الثاني أن يكون الإتيان منفيا والحديث
(١) ينظر شرح المصنف ١٠٤.
(٢) قال سيبويه في الكتاب ٣/ ٣٢: لا تأتينا فتحدثنا إلا ازددنا فيك رغبة، فالنصب ها هنا كالنصب في ما تأتيني فتحدثني إذا أردت معنى: (ما تأتيني محدّثا). وينظر في توجيه العبارة في المعنى ٢١٣ وما بعدها، وشرح المفصل ٧/ ٢٧ وما بعدها.