شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]

صفحة 476 - الجزء 2

  مع غير القصد فرجع عند ذلك عن القول ببقاء الكلام، وقال: ما لم يسبقه إليه أحد وهو أن المسموع من القاري لكلام الله تعالى شيئان أحدهما فعله تعالى، والثاني فعل القارئ، وأثبت حرفين مسموعين غير الصوت الذي يقارن الحروف وقال إنها كلامه.

  قال: وأما الإسكافي فقد فصل بين كلام الله تعالى وكلام غيره فأثبت كلامه تعالى باقياً دون كلام غيره.

  قال: وهذا أبعد المذاهب.

  وذهبت الكرامية إلى بقاء الصوت وجعلت إدراكه موقوفاً على حال الحدوث دون حال البقاء.

  وذهب أبو هاشم وأصحابه إلى أن الصوت لا يبقى وبنى عليه أن الكلام لا يبقى، قال: وهذا هو الصحيح.

  قلت: وهو الحق لأن الكلام هو المترتب المنظوم من الحروف التي لا يتهيأ النطق بالحرف الثاني إلا بعد فناء الحرف الأول كما إذا قلت زيد فلا يمكن النطق بالياء إلا بعد فناء النطق بالزاي ولا يتهيأ النطق بالدال إلا بعد فناء النطق بالياء وذلك معلوم ضرورة.

  قال العنسي: فأما قولهم في المكتوب: كلام باق فهو باطل؛ لأنه لو كان لوجب أن يسمع كما يسمع الكلام.

  قال: وأما قولهم: إنه يمكن معرفة المراد بها، فلذلك كانت كلاماً؛ فإنه لا يصح لأنه يصح معرفة المراد بالإشارة والنقر في الحجر وغيره ولا يكون كلاماً.

  قال: وأما قول المسلمين في المصحف: كلام الله تعالى فهو مجاز والمراد أن فيه الأمارات بالمواضعات الكتابية على ما يمكن الإنسان أن يتكلم به إذا علمها.

  قال: وأما قولهم: مع الحفظ كلام فذلك باطل لأن الحفظ هو العلم بإيراد الكلام على ضرب من النظام ولا طريق إلى أَزْيَد من ذلك فوجب نفيه أيضاً