شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]

صفحة 475 - الجزء 2

  فيه إدراك غيره بها كاللون والجسم لا يدرك أحدهما دون الآخر بل إدراك الجوهر شرط في إدراك اللون فلا يمتنع أن يكون إدراك الصوت شرطاً في إدراك الحروف، وإن لم يكن إدراك الحرف شرطاً فيه وهذا كما أنه يشترط في إدراك الصوت مع صحة الحاسة حصول انفتاح في الأذن إلى الصماخ بينه وبين محل الصوت وأن لا يكون هناك سد مانع بدليل أنه إذا حصل في الجدار خرق أمكن أن يسمع ما وراءه من الصوت.

  قال: والكلام في الصوت يدق جداً والله أعلم بتفصيله ولولا ما يحتاج إليه من الأصول في معرفة كلام الله وتمييزه عن غيره ما تكلمنا فيه أصلاً.

  قال: وقد استعفى بعض المتكلمين بعضاً عن أن يسأله عنه كما تقدم ذكره.

  قلت: وأما قول الأشعرية إن الكلام معنى في النفس فسيأتي الرد عليهم في ذلك إن شاء الله تعالى.

[الاختلاف في حكم الكلام في البقاء وغيره]

  وأما اختلافهم في حكمه:

  فقال العنسي: واختلف الناس في الكلام أيضاً اختلافاً كثيراً واضطربت أقوال الشيوخ فيه وذلك في حكمه في البقاء وغيره:

  فذهب الشيخ أبو الهذيل وأبو علي أن الكلام معنىً باق غير الصوت وجعلا القراءةَ الصوتَ والصوتُ مما لا يبقى والمقروء هو الحرف.

  قال أبو علي: وإنما يبقى الكلام مع أحد أمور ثلاثة مع التلاوة ومع الحفظ ومع الكتابة.

  قال: وما لم تعدم التلاوات كلها والحفظ كله والكتابات كلها لا يعدم وذكر ذلك في كلام الله تعالى.

  ثم إنه بعد ذلك أورد على نفسه أن القائل إذا قال: الحمد لله فلا فرق بين أن يقصد به التلاوة أو لا، فما أوجب أن يكون كلامه تعالى مع القصد يوجب ذلك