شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]

صفحة 480 - الجزء 2

  والنساج فعلهم التاليف والحركة والسكون وفعل الله الأجسام وهي مفعولهم وكذلك القراءة لهم فعل والقرآن مفعول لهم وهو فعل الله وهو عرض. انتهى.

  قلت: مراده # أن القرآن مفعول لهم من حيث الحكاية ومفعول لله تعالى من حيث إنه الذي ابتدعه واخترعه وخلقه مرتباً بعضه على إثر بعض فقد اجتمع في القراءة الأمران كما اجتمع في العمارة ونحوها الأمران وهما كونها فعلاً لهم من جهة التأليف والحركة وفعلاً لله من جهة خلقه الحجارة والعيدان ونحوها وإن كان العمارة والقراءة مختلفين من وجه آخر وهو أن العمارة فعل الله فيها هو الأجسام وفعل العبد العرض الذي هو الحركة والتأليف والقراءة فعل الله فيها وفعل العبد عرضان ففعل الله ابتداء القرآن واختراعه ونظمه وترتيبه وفعل العبد حكايته واتباعه في ذلك النظم والترتيب، والله أعلم.

  وأما الاختلاف في معنى الكلام والمتكلم فقد اختلف في ذلك:

  أما الكلام فقال العنسي: منهم من قال: من حقه أن يكون منتظماً من حرفين فصاعداً ولا يصح من حرف واحد وهو قول أبي هاشم وإليه ذهب قاضي القضاة وأصحابه.

  وذهب أبو علي إلى أنه يجوز أن يكون كلاماً من حرف واحد.

  قلت: ولا حاجة إلى ذكر ما احتجوا به في ذلك وقد ذكرنا ما تمس إليه الحاجة من ذلك في ذكر صفات الله تعالى الفعلية في مسألة وصفه تعالى بكونه متكلماً وذكرنا كلام الإمام يحيى # فيما روى عن النظام من أن الكلام جسم وأنه لا يقول بذلك ولكنا نذكر هنا ما لم نذكره هناك.

  قال العنسي: وأما المتكلم فعندنا أنه يستعمل في معنيين: أحدهما في أصل اللغة، والثاني في عرفها وعرف الشرع.

  أما في أصل اللغة فالمتكلم هو: فاعل الكلام، وهو جار مجرى المحرك والمسكن أي أنه فاعل الحركة والسكون.