(باب: والشريعة)
  وأنه لو شاركه في الأزل شيء لزم أن يكون مشاركاً في الإلهية و {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢].
  (وإن سلم) ما ادعوه (فما جعل أحد القديمين) وهو كلام الله سبحانه وتعالى (كلاماً والآخر) وهو الله سبحانه وتعالى (متكلماً بأولى من العكس) وهو جعل الله سبحانه وتعالى كلاماً والكلام متكلماً لاشتراكهما في القدم وأن أحدهما لم يسبق الثاني.
  (وأيضاً هو) أي القرآن الذي هو كلام الله (مرتب منظوم) أي بعضه بعد بعض منظوم من الحروف المؤتلفة التي بعضها بعد بعض، (وما تقدم) من الأشياء على (غيره دل على حدوث ما بعده)؛ لأن المحدث ما سبقه في الوجود غيره وذلك موجود في القرآن؛ لأن الألف في الحمد قبل اللام واللام قبل الحاء والحاء قبل الميم ونحو ذلك.
  قال العنسي: وأيضاً القرآن هو الأصوات والحروف التي تسمع عند القراءة كما تقدم وقد ثبت أنها مما لا يبقى كما تقدم وكل ما لا يبقى فهو محدث لما ثبت أن القديم يجب بقاؤه لا يتغير ولا يفنى.
  قال: فإن قيل: هذا يقتضي أن القرآن غير باق مع المسلمين ولا موجود مع محمد # لأن الحروف لا تبقى وهو من قبيل الحروف وهذا قول خارج عن قول المسلمين.
  قلنا: وما تعني بقولك إن القرآن موجود إن أردت أن عين ما أحدثه الله تعالى من الكلام باق إلى الآن فذلك لا يصح لأنه أصوات وحروف وهي من قبيل ما لا يبقى كما تقدم.
  وإن عنيت أن ما نسمع عند القراءة يلزم أن لا يسمى كلام الله ولا القرآن فقد بينا أن التسمية راجعة إلى عرف اللغة والشرع وقد وردا بذلك أما اللغة فلأنهم يسمون ما يسمع من حكاية قصيدة امرئ القيس وخطبة أمير المؤمنين