شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[حقيقة الإمامة لغة وشرعا]

صفحة 20 - الجزء 3

  فزعوا إلى نصب الإمام لتقوية أمر الإسلام ولا شك أن تقويته عليهم فرض واجب وحتم لازب فعلم أنهم إنما فعلوا ذلك لوجوبه وهو المطلوب.

  قلت: وفي هذا دلالة من العقل على وجوب نصب الإمام لا تخفى.

  ولنا أن نقرر الإجماع على وجه آخر فنقول: أمر الله تعالى بإقامة الحدود على مرتكبيها في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، وكذلك في الزاني والشارب والقاذف وغير ذلك.

  وقد أجمعت الأمة على أنه لا يتولى إقامة الحدود إلا الأئمة أو من يلي من جهتهم وإذا كان لا يمكن إقامة الحدود الواجبة إلا بواسطة الإمام كان الأمر بإقامة الحدود أمراً بنصب الأئمة؛ لأن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدوراً للمكلف فهو واجب أيضاً.

  ولا يرد على هذا أن يقال: ما أنكرتم أن يكون وجوب الحد مشروطاً بوجود الإمام كما أن وجوب الزكاة مشروط بملك النصاب، ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة.

  لأنا نقول: إن الأمر إذا ورد مطلقاً غير مقيد وجب تحصيل ما لا يتم إلا به كالأمر بقضاء الدين فإنه أمر بما لا يتم القضاء إلا به وكالأمر بالصلاة فإنه أمر بالوضوء لأنها لا تتم إلا به فكذلك الأمر بالحد فإنه ورد مطلقاً فوجب تحصيل شرطه وهو الإمام بخلاف الحج والزكاة فإن الأمر بهما ورد مشروطاً بالاستطاعة وملك النصاب، فظهر الفرق.

  وقال الإمام المهدي # في الغايات: فإن قيل: إنا لا نسلم الإجماع على أن الحدود ونحوها إلى الأئمة فإن أبا حنيفة يجيز للأمراء إقامتها وإن لم يكن ثَمَّ إمام فجعل أمرها إلى أهل الشوكة.

  والحشوية وكل من خالف في وجوب نصب الإمام لا يجعلون الإمام شرطاً في إقامة هذه الأمور والجمعة الخلاف فيها ظاهر أعني في كون الإمام شرطاً فيها