شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 104 - الجزء 3

  ولا تتولوا غيرهم فتضلوا، يا أيها الناس أطيعوا قولي واحفظوا وصيتي وأطيعوا علياً فإنه أخي ووزيري وخليفتي على أمتي فمن أطاعه فقد أطاعني ومن خالفه فقد خالفني، ألا لعن الله من خالف علياً».

  ثم أرسل يده فقال: «يا علي اكتب بما أوصيتهم به عليهم كتاباً» فلما أن كتب وأشهد الله عليهم رسول الله بإبلاغهم ذلك اليوم أخذ الكتاب فقال لهم بصوت عال: «أيها الناس هل بلغتكم ما في هذا الكتاب؟» قالوا: اللهم نعم، قال: «اللهم اشهد وكفى بك شهيداً» ثم رفع صوته فقال: «أقيلكم» قالوا: نعوذ بالله ثم بك يا رسول الله من أن تقيلنا أو نستقيلك.

  فقال رسول الله ÷: «اللهم اشهد أني قد جعلت علياً علماً يعرف به حزبك عند الفرقة هادياً عليَّ فناوله الكتاب» انتهى.

  وقال الهادي # في كتاب تثبيت إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # بعد كلام كثير ساقه في معنى ذلك إلى أن قال: فلما قال الله سبحانه: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}⁣[هود: ١٧]، صدّق قول الله سبحانه قول رسوله: «علي مني بمنزلة هارون من موسى» لقول الله تعالى: {شَاهِدٌ مِنْهُ}، فلما قال رسول الله ÷: «علي مني بمنزلة هارون من موسى»، وقال الله: {شَاهِدٌ مِنْهُ} كان رسول الله من علي وعلي منه بقول الله تعالى وبقول رسوله # كرهنا أو أحببنا شئنا أو أبينا لا ننظر في ذلك إلى قول محب مريد ولا نلتفت إلى قول مبغض مكابر عنيد، ولا نأخذ في ذلك بتصديق محب ولا ننظر أيضاً إلى تكذيب مبغض؛ لأن الله سبحانه قد حكم في ذلك بما حكم واختار سبحانه ما اختار فقال تبارك وتعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨]، ثم قال: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}⁣[القصص]، وذلك لعلم الله تبارك وتعالى في علي لأن علياً سبق الخلق إلى الله وإلى رسوله لا يشك في ذلك عاقل ولا ينازع فيه جاهل.