شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 127 - الجزء 1

  فنقول في حقيقته: الحكم في أصل اللغة المنع، قال الشاعر⁣(⁣١):

  أبني حنيفة احكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا

  ومنه حَكَمَة⁣(⁣٢) الفرس، وفي عرف اللغة: الإلزام، وفي الاصطلاح: الوجوب أو الندب أو الكراهة أو الإباحة أو الحظر، ويستدعي حاكماً ومحكوماً فيه ومحكوماً عليه.

  فالحاكم الشرع اتفاقاً، والعقل عند أئمتنا $ والمعتزلة، والمحكوم فيه الأفعال، والمحكوم عليه المكلف.

  وأما معرفة جهة هذه الأحكام وهو الوجه الذي صارت لأجله أحكاماً قبيحة أو حسنة، فعند أئمتنا $ والمعتزلة أنه إنما يقبح الشيء عقلياً كان أو شرعياً لوقوعه على وجه من الوجوه المقتضية لقبحه إما كونه ظلماً، وهو الضرر العاري عن جلب منفعة أعظم منه، أو دفع مضرة أعظم منه خالياً عن الاستحقاق، وهو⁣(⁣٣) أنواع كثيرة.

  أو كونه كذباً أو عبثاً خالياً عن غرض مثله، أو اعتقاد جهل، وهذه القبائح الأربع هي القبائح العقلية.

  قال النجري⁣(⁣٤): ولا خامس لها إلا ما كان راجعاً إليها.


(١) القائل هو جرير والبيت مذكور في ديوانه وهو كما في الأعلام للزركلي باختصار: جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، من تميم: أشعر أهل عصره. ولد ٢٨ هـ، ومات في اليمامة ١١٠ هـ، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم - وكان هجّاءً مرّاً - فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل. وكان يكنى بأبي حزرة.

(٢) الحكمة: حكمة اللجام حديدته التي تكون في فم الفرس. تمت (المعجم الوسيط).

(٣) أي: الظلم. (من هامش الأصل).

(٤) عبد الله بن محمد بن أبي القاسم المعروف بالنجري - بفتح النون وسكون الجيم، ثم مهملة -. [مولده] ٨٢٥ هـ، قرأ على أبيه، وأخيه علي بن محمد، والإمام المطهر، وعبد الله الدواري، ويحيى بن مظفر، ثم حج سنة ثمانمائة وثمانية وأربعين، ثم رحل إلى (القاهرة)، ودرس هنالك في علوم =