(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  شورى بين المهاجرين، وبلغ ذلك أبا بكر وعمر فأرسلا إلى أبي عبيدة وإلى المغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي.
  فقال المغيرة: الرأي أن تلقوا العباس فتجعلوا له ولولده في هذا الأمر نصيباً لتقطعوا بذلك ناحية علي بن أبي طالب.
  فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة حتى دخلوا على العباس وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله ÷، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه وقال: إن الله ابتعث محمداً ÷ نبياً وللمؤمنين ولياً فمنّ الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم حتى اختار له ما عنده فخلّا على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم متفقين غير مختلفين فاختاروني عليهم والياً ولأمورهم راعياً فتوليت ذلك وما أخاف بعون الله وتسديده وهناً ولا حيرة ولا جبناً وما توفيقي إلا بالله.
  وما أنفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف عامة المسلمين فإما دخلتم فيما دخل فيه الناس أو صرفتموهم عما مالوا إليه فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً ولمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله ÷ وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله ÷ ومكان أهلك ثم عدلوا بهذا الأمر فإن رسول الله ÷ منا ومنكم.
  فاعترض كلامه عمر وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته فقال: إي والله إنا لم نأتك حاجة إليكم ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما أجمع عليه المسلمون منكم فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم ولعامتهم، وسكت.
  فتلكم العباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله ابتعث محمداً نبيئاً كما وصفت وولياً للمؤمنين فمنّ الله به على أمته، ثم اختار له ما عنده فخلى الناس على أمرهم يختارون لأنفسهم مصيبين للحق لا مائلين زيغ الهوى فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت وإن كنت بالمؤمنين أخذت فنحن منهم ما