(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  الناس وجهٌ حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر.
  قال: فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتين أحد معك كراهية لحضور عمر فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك.
  قال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي، والله لآتينهم. انتهى.
  وقال ابن أبي الحديد: قال البراء بن عازب كنت لبني هاشم محباً فلما قبض رسول الله ÷ خفت أن لا تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله ÷ فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند النبي ÷ في الحجرة وأتفقد وجوه قريش فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول القوم في سقيفة بني ساعدة وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر.
  فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خطبوه(١) وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عقلي وخرجت أشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق فضربت عليهم ضرباً عنيفاً وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة.
  فقال العباس: تربت أيديكم إلى آخر الدهر أما إني قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت ندماً في نفسي ورأيت في الليل المقداد وسلمان وأبا ذر وعبادة بن الصامت وأبا الهيثم(٢) بن التيهان وحذيفة وعماراً وهم يريدون أن يعيدوا الأمر
(١) في لوامع الأنوار وغيره: «خبطوه».
(٢) أبو الهيثم ابن التيهان، اسمه مالك، أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدراً وما بعدها. استشهد مع علي # بصفين، سنة سبع وثلاثين على الصحيح. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).