(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  حجة ولا يقطع عذرا ولقد كان يرفع في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة في الإسلام، لا ورب البنية لا تجتمع عليه قريش أبداً، ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله [÷] أني علمت ما في نفسه فأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم.
  وما رواه ابن أبي الحديد أيضاً عن ابن عباس قال: مر عمر بعلي وعنده ابن عباس بفناء داره فسلم، فسألاه: أين تريد؟ قال: مالي بينبع. قال: أفلا نصل جناحك ونقوم معك؟ قال: فقال لابن عباس: قم فقام معه.
  قال ابن عباس: فشبك أصابعه في أصابعي ومضى، حتى إذا خلفنا البقيع قال: يا ابن عباس أما والله إن كان صاحبك هذا لأولى بالأمر بعد وفاة رسول الله ÷ إلا أنا خفناه على اثنتين.
  قال ابن عباس: فجاء بمنطق ثم أخذ يدافعني من مسألته عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين ما هما؟
  قال: خشيناه على حداثة سنه، وحبه بني عبد المطلب.
  وقال ابن أبي الحديد: وقد روى ابن عباس أيضاً قال دخلت على عمر يوماً فقال: لقد أجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى لخلته رياء.
  قلت: من هو؟
  فقال: الأجلح - يعني علياً # -.
  قلت: وما يقصد بالرياء يا أمير المؤمنين؟
  قال: يرشح نفسه بين الناس بالخلافة.
  قلت: وما يصنع بالترشيح قد رشحه لها رسول الله ÷ فصُرِفَت عنه؟!
  قال: إنه كان شاباً حديثاً فاستصغرت العرب سنه، وقد كمل الآن ألم تعلم أن الله تعالى لم يبعث نبياً إلا بعد الأربعين.