(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  قال ابن أبي الحديد: أجدر بهذا الخبر أن يكون موضوعاً. قال: وفيه ما يدل على ذلك من كون عمر أتى علياً يستفتيه في المسألة والأخبار كثيرة بأنه ما زال يدعوه إلى منزله وإلى المسجد، وأيضاً فإنه لم يخاطب عمر منذ ولي الخلافة بالكنية وإنما كان يخاطبه بإمرة المؤمنين.
  وأيضاً فإنه لم يسند هذا الخبر إلى كتاب معين بل ذكر الناقل أنه قرأه على ظهر كتاب فيكون مجهولا.
  وما رواه ابن أبي الحديد أيضاً عن ابن عباس | قال: دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع تمر على خصفة، فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه، ثم شرب من جرٍّ(١) كان عنده، واستلقى على مرفقة له، وطفق يحمد الله، ثم قال: من أين جئت يا عبدالله؟
  قلت: من المسجد.
  قال: كيف خلفت ابن عمك؟
  فظنيته يعني عبدالله بن جعفر، قلت: خلفته يلعب مع أترابه.
  قال: لم أعن ذاك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت.
  قلت: خلفته يميح بالغرب على نخلات له وهو يقرأ القرآن.
  قال: يا عبدالله عليك دماء البُدن إن كتمتنيها، أبقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟
  قلت: نعم.
  قال: أزعم أن رسول الله [÷] جعلها له؟
  قلت: نعم، وأزيدك - سألت أبي عما يدعيه فقال: صدق.
  فقال عمر: لقد كان من رسول الله [÷] في أمره ذَروٌ من قول لا يُثبت
(١) الجرة من الخزف والجمع جرٌّ وجرار. تمت صحاح (من هامش الأصل).