شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]

صفحة 352 - الجزء 3

  ودعا معاوية بفرسه لينجو عليه.

  فقال له عمرو بن العاص لعنه الله: إلى أين؟

  قال: قد نزل ما ترى فما عندك.

  قال: لم يبق إلا حيلة واحدة ترفع المصاحف فتدعوهم إلى ما فيها فتستكفيهم وتكسر من حدهم وتفت من أعضادهم، قال معاوية: فشأنك.

  فرفعوا المصاحف، روى أبو العباس الحسني # في المصابيح وغيره: أنهم لما أصبحوا من ليلة الهرير نظروا فإذا المصاحف ربطت على رؤوس الرماح، قيل: وضعوا في كل مجنبة مائتي مصحف فكان جميعها خمسمائة مصحف ثم نادوا: هذا كتاب الله بيننا وبينكم.

  فأقبل الأشتر على فرس كميت قد وضع مغفره على قربوس السرج يقول: اصبروا يا معشر المسلمين قد حمي الوطيس واشتد القتال.

  وقال علي #: «أنا أحق من أجاب إلى كتاب الله ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم صغاراً ورجالاً وما رفعوها إلا خديعة».

  فجاء من أصحاب علي # قدر عشرين ألفاً مقنعين في الحديد سيوفهم على عواتقهم قد اسودت جباههم من أثر السجود فقالوا: يا علي أجب القوم إلى كتاب الله أو نقتلك كما قتلنا ابن عفان وابعث إلى الأشتر فيأتيك.

  فقال الأشتر: أمهلوني فواق ناقة فقد أحسست بالظفر.

  فقالوا: أتحب أنك ظفرت ويقتل أمير المؤمنين أو يسلم إلى عدوه.

  فأقبل حتى وصل إليهم فصاح: يا أهل الذل والوهن أحين علوتم فطنوا أنكم قاهرون رفعوا المصاحف، حدثوني عنكم فقد قتل أماثلكم متى كنتم محقين أحين قتل خياركم فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون؟ أم أنتم محقون فقتلاكم الذين كانوا خيراً منكم في النار؟