[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  قالوا: دعنا عنك يا أشتر.
  قال: خدعتم فانخدعتم. فسبوه فسبهم، وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب دوابهم وصاح بهم علي # فكفوا.
  وروي أن معاوية قد كان استمال الأشعث بن قيس وكتب إليه، فقال الأشعث لعلي: أجبهم إلى ما طلبوا.
  قال له #: «إنهم إنما كادوكم» فقال الأشعث: وقد مالت اليمانية معه والله لتجيبنهم إلى ما دعوا إليه أو لندفعنك إليهم برمتك.
  وتنازع الأشتر والأشعث في هذا حتى كادت الحرب تقوم بينهم فأجابهم علي # مغلوباً مقهوراً وكان هذا ابتداء أمر الخوارج ومروقهم من الدين وهم المارقون، فلما لم يجد علي # بداً من ذلك بعث جماعة من أهل العراق وبعث معاوية جماعة من أهل الشام فالتقوا بين الصفين وأجمعوا أن يحيوا ما أحيا القرآن ويميتوا ما أماته القرآن وعلى أن يحكموا رجلين أحدهما من أصحاب علي والآخر من أصحاب معاوية.
  قال أهل الشام: اخترنا عمرو بن العاص.
  وقال الأشعث والخوارج: رضينا بأبي موسى الأشعري.
  فقال علي #: «إني لا أرضى به وليس برضاً وقد فارقني وخذل الناس عني ثم هرب مني، ولكن هذا ابن عباس».
  قالوا: والله ما نبالي أنت كنت أو ابن عباس.
  قال: «فإني أجعل الأشتر».
  قال الأشعث لعنه الله: وهل ضيق سعة الأرض علينا إلا الأشتر.
  قال علي: «إني أخاف أن يُخدع يمنيكم فإن عمراً ليس من الله في شيء.
  قال الأشعث: هو أحب إلينا.
  فوجه علي # إلى أبي موسى مع علمه بعداوته وقد كان هرب منه معتزلاً