[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  مساوية للأخرى وإن تركت انقبضت ثم قال: تفرقوا، فلم يقاتل معه الذين كانوا اعتزلوا، وكانوا وقوفاً على حدة.
  وقد كان قال لأصحابه: إنه لا يقتل منكم عشرة ولا ينجو منهم عشرة، فكان الأمر كما قال. وكانت وقعة النهروان سنة تسع وثلاثين وهم المارقون.
  وقد ورد فيهم أحاديث رواها المخالف والموالف منها ما أخرجه البخاري وغيره بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله ÷ وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: «ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل» فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه.
  فقال له: «دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى ساقه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصبه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس»(١).
  قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله ÷
(١) سنذكر إن شاء الله رواة الحديث من المخالفين لكثرتهم: رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد، ومسلم في صحيحه عن علي (ع) وعن أبي سعيد وعن سهل بن حنيف، والنسائي في سننه، وأبو داود في سننه عن أبي سعيد وأنس، وابن ماجه في سننه عن أبي سعيد وأبي ذر وجابر، والحاكم في المستدرك عن أبي بكره وعن أبي برزه وعن أنس وأبي سعيد، وأحمد في مسنده عن عدة من الصحابة، ومالك في الموطأ، والبغوي في شرح السنة، والبيهقي في سننه، والطبراني في الكبير، وأبو يعلى في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والطيالسي في مسنده، وسعيد بن منصور في سننه عن جابر وغيره، والبزار في مسنده وغيرهم كثير جداً.